“الأسد” يدعو اللاجئين للعودة.. وسوريون يردون “العودة تبدأ برحيلك”

أثارت دعوة الرئيس السوري بشار الأسد السوريين إلى العودة للوطن، ردود فعل داخلية وخارجية متباينة، وتفاعل كثيرون مع الدعوة المنبثقة عن مؤتمر دمشق حول عودة اللاجئين. فكيف ينظر اللاجئون السوريون في ألمانيا لدعوتهم إلى العودة؟

الدعوة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم انطلقت من مؤتمر اللاجئين السوريين الذي انعقد يومي الأربعاء والخميس (11 و12 نوفمبر/تشرين الثاني) في قصر الأمويين للمؤتمرات في دمشق، الذي يحظى بدعم روسياومقاطعة واشنطن وحلفائها، وهو ما يعزز الانقسام الروسي – الغربي حول موضوع الأزمة السورية.

خلال افتتاح المؤتمر، قال الرئيس السوري بشار الأسد في كلمة عبر الشاشة “نحن اليوم نواجه قضية مركبة من ثلاثة عناصر مترابطة، ملايين اللاجئين الراغبين في العودة ومئات المليارات من بنية تحتية مدمرة بنيت خلال عقود وإرهاب ما زال يعبث في بعض المناطق”.

وأضاف الأسد في كلمة عبر الفيديو، أن “بعض الدول قامت باحتضان اللاجئين انطلاقاً من مبادئ إنسانية بينما قامت دول أخرى في الغرب وفي المنطقة باستغلال اللاجئين أبشع استغلال من خلال تحويل قضيتهم الإنسانية إلى ورقة سياسية للمساومة”. وتابع أن الحكومات التي “عملت بجد لنشر الإرهاب لا يمكن أن تكون هي نفسها السبب والطريق لعودتهم إلى وطنهم”.

مختارات

رفض العودة

وجيه الزير، مواطن سوري ينحدر من مدينة إدلب لجأ إلى ألمانيا منذ أكتوبر 2015، اعتبر في حديث لمهاجر نيوز، أن العودة إلى سوريا مستحيلة، في ظل استمرار حكم بشار الأسد وسيطرة نظامه على البلاد”، معتبرا أن الشرط الأول لعودة السوريين المشتاقين لبلدهم وأهاليهم هو رحيل رمز النظام بشار الأسد ومحاكمته”.

وتحدث وجيه عن “آلاف من إخوتنا المعتقلين والمعتقلات في سجون الأسد مازالو يعانون الأمرين، فكيف نفكر في العودة في ظل غياب أبسط شروط الحياة الكريمة هناك”، مبرزا أنه “إذا فتحت دول الاتحاد الأوربي طريق الهجرة حتى تمثال صلاح الدين يهرب”، في إشارة منه لتدهور الأوضاع الكبير في سوريا.

من جهتها قالت السيدة (ي.س) التي فضلت إخفاء هويتها خوفا من متابعة المخابرات السورية لمن تبقى من عائلتها في سوريا، إن”العودة الطوعية إلى سوريا شبه مستحيلة حاليآ”، وأضافت “بصفتي أما لا يمكنني إرسال أبنائي إلى الخطر والفوضى والجهل المستشري في سوريا الآن”، حسب تعبيرها.

من جهة أخرى أوضحت السيدة (ي.س) في حديثها لمهاجر نيوز “ابنتي تدرس حاليا هندسة طبية اختصاص تطوير أجهزة، لتكمل مشروعا تنفع به بلادها، عبر مساعدة جرحى الحرب الذين فقدوا أحد الأطراف. كما أن ابني يدرس هندسة مدنية ومبتغاه المساعدة بإعادة إعمار بلده الذي تدمر، وأنا أكبر داعمة لمشوارهم الدراسي ولفكرتهم”.

لكن تعود السيدة السورية التي جعلت من ألمانيا وطنا ثانيا يأوي أسرتها، لتقول “لن أسمح بعودة أبنائي الآن في هذه الظروف، بل عندما تتوقف الجرائم المرتكبة من قبل النظام في حق البلد، وأيضا الجرائم التي يرتكبها الناس من أجل المال، وعندما تتوفر أبسط شروط الحياة والأمن بسوريا”، حسب تعبيرها.

العودة تشترط رحيل الأسد

دعوة العودة إلى الوطن المكلوم، قابلها السوريون عبر العالم، بحملة شرسة مطالبة برحيل الأسد، وجعلوا وسم العودة_تبدأ_برحيل_الأسد عنوانا لها. وعبر المشاركون فيها عن رفضهم التام “لمؤتمر اللاجئين الذي تنظمه روسيا في دمشق، بهدف إعادة الشرعية لنظام الأسد، ومحاولة إنعاشه من جديد وفرضه على الشعب السوري”. ومن بين المشاركين فيها، طلبة سوريون عبر العالم.

وركز السوريون في تعاطيهم مع الموضوع، على التذكير بالدعم الذي يتلقاه نظام الأسد من روسيا، إذ قالت الناشطة السورية بيان ريحان “لايمكننا أن ننسى أن روسيا هي من قامت بتهجيرنا من بيوتنا، كيف يمكن أن نثق بضمانات من قتل وهجر ملايين السوريين.

وفي تحليل له لمجريات الأحداث المرتبطة بالمؤتمر، اعتبر كريم الواسطي، عضو المجلس الاستشاري للاجئين في مقاطعة ساكسونيا السفلى بألمانيا، أن “الدعوة المنبثقة عن نظام معروف بسجله الدامي على مستوى حقوق الإنسان وجرائم الحرب، هي محاولة رخيصة ومفضوحة من أجل إظهار نفسه على أنه نظام قائم، لكن الواقع يثبت عكس ذلك”.

“في بلدنا سوريا، تجري عمليات إبادة جماعية، وليس هناك شخص مصون من الملاحقة أو القتل أو الإختطاف، إما من قبل النظام أو من طرف الجماعات المتطرفة” هكذا يصف خبير بشؤون اللجوء والهجرة الوضع في بلده في حديث خاص مع مهاجر نيوز. مشيرا إلى أنه “لا يجب على الإطلاق الالتفات إلى هذه الدعوة من قبل السوريين”.

ويضيف المتحدث أن “آخر تقارير للمفوضية السامية للاجئين تحدث على وضع لا يطاق في سوريا بسبب جرائم نظام بشار الأسد في حق الشعب السوري، وحتى المنظمات التي تعمل في مجال الإعانة تعرضت لضغوط وغادرت البلد”، مشددا على أن “الوضع في سوريا لم يتغير على الإطلاق ولن يتغير في ظل استمرار نظام بشار الأسد”، حسب تعبيره.

وعقب المتحدث على الحملة المضادة لدعوة السوريين للعودة إلى بلدهم بالقول “رد فعل السوريين منبثقة مما عانوه من فقدان لأحبتهم وتهجير وظروف صعبة، والوضع الإنساني المأساوي في سوريا يمنعهم من العودة رغم رغبتهم في ذلك”. معتبرا أن “سوريا تبقى دولة غير آمنة في ظل استمرار نظام الأسد، وشرط عودتهم إلى البلاد المشروطة برحيله مشروعة”، يقول المتحدث.

نازح سوري وطفلة على أنقاض آثار رومانية في محافظة ادلبالسوريون في الخارج يرفضون العودة والمساهمة في إعادة الإعمار ما لم يرحل الأسد!

مقاطعة المؤتمر تثير غضب الأسد

أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ولبنان والأردن وتركيا عدم مشاركتهم في المؤتمر الذي ينظمه نظام الأسد بدعم روسي، بسبب ما وصفوه بـ “عدم توفر الظروف الآمنة المطابقة للقوانين الدولية، من أجل عودة اللاجئين”. وأعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، يوم الثلاثاء (10 نزفمبر/تشرين الثاني)الماضي، أن الاتحاد لن يشارك في المؤتمر “لأن شروط مشاركته لم تتوافر”.

من جهتها أعلنت كندا أنها “تدعم عودة اللاجئين الآمنة والطوعية والكريمة، لكن شروط مثل هذه العودة غير موجودة”، وهو موقف جاء مماثلاً لموقف الاتحاد الأوروبي.

إذ شدد جوزيب بوريل وزير خارجية التكتل الأوروبي على أن “الشروط الحالية في سوريا لا تشجع على الترويج لعودة طوعية على نطاق واسع ضمن ظروف أمنية وكرامة تتماشى مع القانون الدولي”. واستدلّ بوريل بعمليات العودة “المحدودة” التي سجلت خلال الفترة الماضية كدليل “يعكس العقبات الجمة والتهديدات أمام عودة اللاجئين والنازحين” وبينها “التجنيد الإجباري والاعتقال العشوائي والاختفاء القسري”.

كما حذرت منظمات حقوقية بدورها من أن توقّف المعارك في مناطق عدة في سوريا لا يعني أنها باتت مهيئة لعودة اللاجئين في ظل افتقارها للبنى التحتية والخدمية والخشية من حصول انتهاكات لحقوق الإنسان.

وفي رده على المقاطعة الكبيرة لمؤتمر اللاجئين، ألقى الرئيس السوري بشار الأسد باللوم على العقوبات الأمريكية وضغوط واشنطن على الأمم المتحدة والدول المجاورة لسوريا في عزوف أكثر من خمسة ملايين لاجئ سوري هربوا من الصراع عن العودة.

وأشار الأسد إلى “أن هناك دول في الغرب تستغلّ اللاجئين السوريين لديها لأهداف سياسيّة وهذه الدول تمنع عودتهم لوطنهم عبر الترغيب والترهيب. وقال إن الأغلبية الساحقة من السوريين في الخارج راغبون في العودة إلى وطنهم”.

اللاجئون السوريون بين العودة والبقاء

دعم دول صديقة

حضر المؤتمر وفد روسي كبير وممثلين عن بعض الدول الحليفة لدمشق مثل فنزويلا وإيران والصين، إضافة إلى 6 دول عربية هي لبنان والصومال وفلسطين والعراق وموريتانيا وعُمان. بينما حضرت الأمم المتحدة بصفتها مراقبا.

وقال الرئيس فلاديمير بوتين، إنه “نتيجة الجهود المشتركة لروسيا وإيران، حليفة دمشق، تم تدمير بؤرة الإرهاب في سوريا، وانخفض معدل العنف”. ورأى أنّه “مع عودة السلام والهدوء لغالبية الأراضي السورية، هناك احتمال جيد لضمان عودة أعداد كبيرة من اللاجئين”، حسب خطابه الذي نقلته الكرملين.

العراق الذي كان من بين الدول العربية التي حضرت المؤتمر، ألقى كلمته القائم بالأعمال المؤقت للسفارة في دمشق ياسين الشريف قائلاً إن “الوفد العراقي المشارك في المؤتمر الدولي للاجئين، سيقدم دراسة بشأن إعادة تهيئة البنى التحتية المدمرة في سوريا وإعادة اللاجئين”.

بدوره، أصر كبير مساعدي وزير الخارجية الإيرانية علي أصغر خاجي، على ضرورة قيام المجتمع الدولي بعمل جاد والمساعدة في عودة اللاجئين السوريين من خلال تقديم المساعدات والتعاون في عملية إعادة الإعمار.

يشار إلى أن سوريا تشهد منذ بدء النزاع في العالم 2011، أسوأ أزماتها الاقتصادية والمعيشية التي تترافق مع انهيار قياسي في قيمة الليرة وتآكل القدرة الشرائية للسوريين الذين بات يعيش الجزء الأكبر منهم تحت خط الفقر.

ماجدة بوعزة

المصدر: مهاجر نيوز

Read Previous

المكتب الطبي في مخيم الركبان يوجه نداء عاجل للمنظمات الدولية

Read Next

هل يريد النظام السوري إعادة اللاجئين؟

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Most Popular