سيريا مونيتور -دمشق
أكد الإعلامي والكاتب المصري جمال سلطان أن الحياة السياسية في تركيا تعد معقدة بشكل كبير، مما يجعل فهم أي حدث صعبًا دون الانغماس في تفاصيله الدقيقة وخلفياته. وأشار إلى أن بعض الأشخاص في العالم العربي يعتمدون على قوالب جاهزة لتفسير الأحداث التركية دون الانتباه إلى التفاصيل الفعلية.
وتعليقًا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، كتب سلطان على صفحته في “فيسبوك” أن إمام أوغلو شخصية طموحة تبحث عن المكاسب السياسية من خلال تعزيز علاقاتها مع العالم الخارجي. وأوضح أن تصريحاته حول حركة حماس، والتي وصفها بالإرهابية، لاقت استحسانًا غربيًا لكنها أثارت جدلاً داخليًا.
كما أكد سلطان أن إمام أوغلو يواجه صراعات داخلية مع جناح رئيس حزب الشعب الجمهوري السابق كمال كليتشدار أوغلو، وجناح منصور يافاش، رئيس بلدية أنقرة. ولفت إلى أن اتهامات الفساد ضد إمام أوغلو تتعلق بإدارة ميزانية بلدية إسطنبول، مع وجود مزاعم تتعلق بتوزيع منافع بطرق غير قانونية، بالإضافة إلى وجود وثائق وأدلة تثبت وجود فساد بلغ حوالي 14 مليار دولار.
وأشار سلطان إلى أن إمام أوغلو يواجه أيضًا تهمة التعاون مع منظمات إرهابية، خاصة بعدما تم توظيف كوادر من المنظمات الكردية المسلحة في البلدية كجزء من استراتيجيته لجذب التأييد الانتخابي.
أما عن الصورة الإعلامية لإمام أوغلو، فقد أكد سلطان أن الدعاية الغربية التي تصوره كأكبر منافس للرئيس أردوغان غير صحيحة، مشيرًا إلى أن منصور يافاش هو المنافس الحقيقي لأردوغان، حيث يحظى بشعبية واسعة ونجاحات بارزة في إدارة أنقرة.
وأوضح سلطان أن يافاش رغم انتقاده لاعتقال إمام أوغلو، إلا أنه أكد أن المحاكمة أمر مشروع طالما ثبتت الجريمة. كما أشار إلى قضية أخرى تمس مصداقية إمام أوغلو، وهي اتهامات بتزوير شهادته الجامعية، حيث كشفت التحقيقات أن شهادته تم شراءها بالمال.
وتابع سلطان قائلاً إن “الملف القانوني لإمام أوغلو يتضمن اتهامات خطيرة، ومن السابق لأوانه التنبؤ بمستقبله السياسي في ظل هذه التطورات”. وكان قد تم توقيف إمام أوغلو، إلى جانب 99 شخصًا آخر، في تحقيقات تتعلق بالفساد المالي والارتباط بمنظمات إجرامية.
وجاء هذا التوقيف بعد إلغاء شهادته الجامعية مساء الثلاثاء، حيث أُعلن من قبل النيابة العامة عن تورطه في قضايا فساد وتلاعب مالي داخل بلدية إسطنبول. وقال بيان النيابة إن التحقيقات بدأت بعد نشر مقاطع فيديو تشير إلى جمع تبرعات غير قانونية.
وفي مقطع فيديو نشره عبر حسابه في “إكس”، ظهر إمام أوغلو وهو يرتدي ملابسه استعدادًا لمغادرة مكانه مع قوات الأمن، حيث صرح بأن “إرادة الشعب تتعرض للانقلاب”، في إشارة إلى توقيفه من قبل الشرطة التركية.
تعد هذه القضية واحدة من أكبر قضايا الفساد المالي في بلدية إسطنبول، ومن المتوقع أن يكون لها تداعيات سياسية كبيرة، خاصة في ظل التوتر المتصاعد بين حكومة الرئيس أردوغان وحزب الشعب الجمهوري المعارض.