كشفت وسائل إعلام هولندية أن الشرطة الهولندية تجسست على طالبي اللجوء – معظمهم سوريون- على مدار السنوات الماضية بهدف “تعقب مهربي البشر والإرهابيين”.
وبحسب صحيفة “NRC” الهولندية فإن الشرطة الهولندية تجسست على هواتف طالبي اللجوء لمقارنتها بقاعدة بياناتها الجنائية، لكنها “توقفت عن فعل ذلك عندما تبين أن هذا مخالف للقانون الشهر الماضي”.
وبعد هجمات باريس الإرهابية عام 2015 التي تبناها تنظيم الدولة والتي أسفرت عن مقتل 130 شخصاً وعشرات الإصابات، كان يُخشى أن يتقدم الجهاديون السوريون بطلب للحصول على اللجوء في هولندا، وفي ذلك الوقت وعد رئيس الوزراء الهولندي مارك روته بأن طالبي اللجوء الذين يتقدمون بطلب للحصول على الإقامة سيخضعون لضوابط “أكثر صرامة”.
وفي عام 2016 بدأت الشرطة تشديد إجراءاتها عبر ما سُمي حينها مشروع “أثينا”، وبغرض تحديد الهوية فتشت الشرطة منذ ذلك الحين هواتف جميع طالبي اللجوء وفحصت الرسائل والصور وقوائم الاتصال بحثاً عن معلومات عن الاتجار بالبشر والتهريب والتهديدات الإرهابية.
وفي حال صادف ضباط الشرطة معلومات مشبوهة (على سبيل المثال، صور أسلحة أو تدريبات أو رقم هواتف مهرّبي بشر)، يتم مصادرة الهاتف المحمول، وتقوم الشرطة بعد ذلك بعمل نسخة من جميع البيانات وتخزينها في نظام بياناتها الخاص، وبهذه الطريقة كانت الشرطة تصادر مئات الهواتف كل شهر.
وتمت مقارنة البيانات الهاتفية لطالبي اللجوء – التي تم الحصول عليها في أثناء طلب اللجوء الخاص بهم – ببيانات الشرطة الجنائية، مثل أرقام هواتف تجار البشر “المدانين”.
وتقول الشرطة بحسب ما ذكرت الصحيفة الهولندية إنه تبين الشهر الماضي أن مشروع “أثينا” لا يتوافق مع قانون الخصوصية الخاص باللائحة العامة لحماية البيانات الذي دخل حيز التنفيذ منذ مايو 2018، ووفقاً للشرطة، فإن القانون الهولندي أعطى إذناً لهذه الطريقة قبل ذلك الوقت، وبحسب المتحدث الرسمي، تم حذف بيانات طالبي اللجوء من أجهزة الشرطة منذ ذلك الحين.
“حل سحري”!
ووفقاً للصحيفة فإنه غالباً ما يتم تقديم تعقب المجرمين على أساس البيانات على أنه “حل سحري” لملاحقة المطلوبين، ولكنه أحياناً لا يسفر عن شيء، فعلى سبيل المثال، قام عناصر شرطة الأجانب هذا العام بتمرير 20 إشارة إلى زملائهم من شرطة التحقيق عبر مشروع “أثينا”، لكن ذلك لم يؤد إلى حصول أي “تحقيق جنائي”، وتقول الشرطة إنها لا تعرف ما إذا كانت الإشارات من السنوات السابقة أدت إلى تحقيقات جنائية.
وتقول الشرطة إنها ستستمر في التحقق “يدوياً” وفحص هواتف طالبي اللجوء، ووفقاً للشرطة فإن “هناك أساساً قانونياً لذلك”.
لكن هذه الممارسة مثيرة للجدل أيضاً، ويقول الخبراء بحسب الصحيفة الهولندية إنه نظرياً قد يرفض طالبو اللجوء تسليم هواتفهم لكنهم في الواقع لا يتمتعون بهذه الحرية، لأنه من أجل الحصول على تصريح إقامة يجب على طالبي اللجوء التعاون في إجراءات اللجوء.
وبالإضافة إلى ذلك، قرر “مجلس الدولة” وهو أعلى هيئة استشارية للحكومة في يونيو الماضي من هذا العام أنه يجب وضع ضمانات قانونية “تحد” من جمع واستخدام وتخزين البيانات المنسوخة من هواتف طالبي اللجوء، بحسب ما ذكرت الصحيفة الهولندية.
ووفقا لتلك الهيئة الاستشارية يجب تحديد تلك البيانات بشكل أوضح ولأي غرض وإلى متى يمكن الاحتفاظ بها.
بدورها، تجاهلت وزيرة اللجوء والهجرة أنكي بروكرز-نول هذه النصيحة في الوقت الحالي، بينما يقول بارت كاسترز أستاذ القانون وعلوم البيانات من جامعة ليدن، إن هذا “خيارها السياسي .. لكن هذا ليس مساراً قانونياً صحيحاً للعمل”، وفقاً لـ NRC.
وعلى مدار السنوات الماضية وصل إلى هولندا عشرات آلاف طالبي اللجوء وكان معظمهم من السوريين الذي هربوا من الحرب الشرسة التي شنها نظام بشار الأسد على المدن الثائرة ضد حكمه منذ عام 2011.
وحصل آلاف السوريين في هولندا خلال العامين الماضيين على الجنسية الهولندية فيما ينتظر الآخرين الحصول عليها بعد أن يستوفوا الشروط وأبرزها انقضاء خمسة أعوام على إقامتهم في البلاد إضافة إلى اجتياز امتحان “الاندماج”.
تلفزيون سوريا