سيريا مونيتور
لجأ القطاع الخاص في مناطق سيطرة النظام السوري مؤخراً إلى تقليص عمالته وسط أزمة اقتصادية طاحنة، وانخفاض في ربحية مجمل قطاعات الأعمال في البلاد، وهو ما يفاقم من معدلات البطالة المرتفعة أساساً، مهدداً آلاف الأسر الإضافية بالانحدار إلى مستنقع الفقر والفاقة.
وقال عضو غرفة تجارة دمشق عماد القباني إن القطاع الخاص يلجأ في الآونة الأخيرة إلى تقليص عدد الموظفين بسبب حالة الركود التي تشهدها الأسواق، وعدم القدرة على تصريف المنتجات، وضعف القدرة الشرائية.
وأضاف في تصريح لصحيفة الوطن المقربة من النظام، في منتصف مايو/أيار الماضي، قوله إن الموظف السوري هو الخاسر الأكبر من تداعيات هذا التقليص بأعداد العمالة.
ومن جهته أكد الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق مجدي الجاموس أن نسبة البطالة في سوريا تتجاوز 37%، في حين أن نسبة البطالة المقنعة فقد تجاوزت 85%.
وفي سياق متصل، أشار الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق شفيق عربش إلى أن الاقتصاد بحالة قريبة من “الشلل الكامل”، مؤكدا أن سوق العمل في سوريا يعاني من خلل بنيوي كبير بسبب هجرة العمالة السورية، وأن كل القطاعات الإنتاجية في سوريا تُنتج بالحد الأدنى.
تراجع القطاع الخاص
ويعاني القطاع الخاص في مناطق سيطرة النظام تحت وطأة ارتفاع أسعار حوامل الطاقة، وغلاء مستلزمات الإنتاج وصعوبة توفيرها، والقيود المفروضة على الاستيراد، وضعف القدرة الشرائية للمواطن، وإغلاق عدد كبير من المنشآت الصناعية والمعامل أبوابها في السنوات القليلة الماضية.
ويرجع الخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم تقليص القطاع الخاص في مناطق سيطرة النظام عدد عماله إلى “انخفاض الربحية” الناتج عن جملة من العوامل، أبرزها:
- الضعف الحاد في القدرة الشرائية للسوريين (متوسط الرواتب لا يتجاوز 25 دولارا).
- التدخل الأمني السافر بالاقتصاد، وإجبار الدولة رجال الأعمال على سداد الأموال لها للسيطرة على انهيار الليرة السورية.
- ارتفاع تكاليف الإنتاج إلى مستويات غير مسبوقة.
- تراجع حركة الاستيراد والتصدير الناتجة عن القيود الحكومية.
- تقييد رجال الأعمال بقوانين اقتصادية تكبّل أنشطتهم.
- التضييق عليهم وإجبارهم على بيع ممتلكاتهم أو المشاركة بعمليات غسيل أموال “أمراء الحرب”.
- إغراق السوق بالسلع التي يستوردها أمراء الحرب بشكل غير قانوني.
ويؤكد الكريم أن استمرار النظام في انتهاج هذه السياسات سيؤدي في نهاية المطاف إلى تقلّص حاد بحجم أعمال القطاع الخاص من جهة، ومن جهة أخرى إلى عجز القطاع العام عن تقديم الخدمات، وبالتالي ارتفاع تكاليفها مقارنة بمتوسط الدخل كنتيجة طبيعية لاختفاء المنافسة المسؤولة عن انخفاض الأسعار.
وتوقع تقرير حديث للبنك الدولي، في 24 مايو/أيار الماضي، استمرار انكماش الاقتصاد السوري خلال العام الجاري بنسبة 1.5%، مقابل 1.2% في 2023، مشيراً إلى أن أكثر من ربع السوريين يعيشون في فقر مدقع.
بينما أعلنت معاونة حاكم مصرف سوريا المركزي مها عبد الرحمن، في لقاء متلفز في 20 مايو/أيار الماضي، ارتفاع معدل التضخم بنسبة 122% حتى أبريل/نيسان الماضي.
وأرجعت عبد الرحمن ارتفاع معدل التضخم إلى العقوبات الغربية، وضعف الإنتاج، وعجز الميزان التجاري، وحالة التمويل بالعجز التي تلجأ إليها الحكومة.
ويعاني السوريون في مناطق سيطرة النظام من أسوأ واقع معيشي منذ بداية الحرب في البلاد قبل نحو 12 عاما، ويعيش نحو 90% منهم تحت خط الفقر منذ عام 2021 بحسب تقارير أممية.