خاص-سيريا مونيتور-دمشق
ذكرى الثورة السورية
تمر اليوم ذكرى انطلاق الثورة السورية, يومٌ حمل في طياته الآمال الكبرى لشعب سئم الظلم والاستبداد, وبحث عن الحرية والكرامة في ظلِّ نظام طالما تمسك بالحكم بقبضة من حديد.
في 15 آذار 2011، خرج السوريون في مظاهرات سلمية في مختلف المدن والبلدات, مرددين هتافات تطالب بالحرية, وتدعو للإصلاح، وتندد بالفساد, يومٌ كان بمثابة شرارة لنارٍ أشعلت أرض الوطن, وأدت إلى تغييرات دراماتيكية في تاريخ سوريا والمنطقة بأسرها.
بدأت الثورة في مدينة درعا الجنوبية, عندما اعتقل النظام عددًا من الأطفال الذين كتبوا شعارات ضد النظام على جدران مدارسهم, هذا الحادث البسيط كان بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس, وسرعان ما تحولت المظاهرات السلمية إلى احتجاجات حاشدة في مختلف المدن, تطورت تلك الاحتجاجات لتصبح ثورة كاملة, حيث رفع السوريون شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”, متحدين آلة القمع التي استخدمها النظام لقمع أصواتهم المطالبة بالحرية.
كان الشعب السوري في ذلك الوقت يأمل في تغييرات جذرية, فالثورة لم تكن مجرد مطلب سياسي, بل كانت نداء لإنهاء سنوات من الظلم والفساد المستشري في مفاصل الدولة, عاشت سوريا لعقود في ظل نظام استبدادي, حيث كان الفقر والبطالة في تزايد مستمر, وحقوق الإنسان تُنتهك يوميًا, لكن ما بدأ كمطالبة سلمية بالإصلاح تحول إلى صراع مفتوح عندما واجهت القوى الأمنية المتظاهرين بالعنف المفرط.
التحولات الكبرى: من الاحتجاجات إلى الصراع الدامي
ومع مرور الوقت, تحول الحراك الشعبي إلى نزاع مسلح, حيث بدأ الجيش السوري الحر بالظهور, وانقسمت البلاد بين فصائل متعددة تدافع عن نفسها, مما أدخل البلاد في حرب أهلية دامية, تحول الأمل في الإصلاح إلى حرب طاحنة, شهدت البلاد خلالها معاناة مريرة, وآلامًا لامست قلوب الملايين من السوريين.
الدماء التي سالت على أرض سوريا كانت أكبر دليل على شجاعة السوريين, الذين رفضوا الاستسلام لمستقبل مظلم تحت ظل نظام قمعي, ثمن الحرية كان باهظًا, ولكن السوريين استمروا في مقاومتهم بكل ما لديهم من قوة, متحدين في مواجهتهم للآلة العسكرية, وأحيانًا لأيديولوجياتٍ وتياراتٍ سياسية مختلفة.
التحديات والآمال المستقبلية
اليوم, وبعد مرور أكثر من عقد على اندلاع الثورة, لا يزال السوريون يعيشون في ظروف استثنائية, فالحرب لم تنتهِ, والشعب ما زال يعاني من آثار النزاع, مع ذلك, تظل ذكرى 15 آذار حية في القلوب, ذكرى تذكّرهم بالتضحيات العظيمة التي بذلها العديد من الأفراد من أجل الحرية والكرامة.
رغم التشظي السياسي والصراع العسكري الذي يعصف بالبلاد, إلا أن الشعوب التي خرجت إلى الشوارع يومًا ما لا تزال تحمل في قلبها الأمل في سوريا المستقبل, سوريا التي تكون فيها الحرية والعدالة والكرامة أساسًا للحياة.
الذكريات الموجعة قد تكون مملوءة بالحزن والأسى, لكن الأمل يبقى أن سوريا ستنهض من جديد, قد تتعثر خطوات السلام, ولكنها في النهاية ستكون البداية لمرحلة جديدة تكون فيها أصوات الشعب هي الأقوى, ويعيش الجميع في ظل دولة تحترم حقوق الإنسان, وتضمن العدالة للجميع.
وفي النهاية تظل ذكرى الثورة السورية ذكرى ملهمة لجميع الأحرار في العالم, تذكّرهم بأن التغيير يبدأ من الإرادة الشعبية, وأن الحرية لا تأتي إلا بعد صراعٍ طويل, وعلى الرغم من التحديات التي تواجه سوريا اليوم, تبقى هناك فرصة للسلام والتغيير, وسيظل السوريون متذكرين أنّ حلمهم في الحرية والكرامة لا يزال حيًا, وسيواصلون العمل من أجل سوريا التي تستحق أن تكون في مصاف الدول الحرة والمزدهرة.