شهدت سوريا تغييرات جذرية على المستويين السياسي والعسكري بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية وانتهاء حقبة نظام بشار الأسد. ومع هذه التحولات، تبرز تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين سوريا وروسيا، التي لعبت دوراً محورياً في دعم النظام السابق وضمان بقائه لفترة طويلة.
منذ تدخلها العسكري عام 2015، استخدمت روسيا قوتها الجوية والسيطرة الدبلوماسية لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في سوريا. اللواء المتقاعد تركي الحسن، محلل عسكري سوري، أشار إلى أن “روسيا تسعى لتحقيق مصالحها، سواء عبر تعزيز نفوذها في البحر الأبيض المتوسط من خلال قاعدتي حميميم وطرطوس، أو من خلال عقود التسليح طويلة الأمد مع الجيش السوري”.
وفي مدينة دوما، التي كانت معقلاً للمعارضة، لا تزال آثار الدمار شاهدة على الغارات الروسية. أحمد طه، أحد قادة المعارضة السابقين، قال: “الغارات الروسية لم تفرق بين المدنيين والعسكريين، لكننا الآن مطالبون بالنظر إلى المستقبل بحذر”. وأضاف: “روسيا ستظل جزءاً من معادلة إعادة الإعمار، مهما كان رأينا في دورها السابق”.
ورغم تعهد موسكو بحماية الأقليات، يشعر العديد من المسيحيين في سوريا بالخيانة. البطريرك إغناطيوس أفرام الثاني قال: “الروس قدموا أنفسهم كحماة للأقليات، لكنهم سعوا لتحقيق مصالحهم الخاصة”. ومع ذلك، أكد البطريرك أن وجود الروس يمكن أن يساهم في استقرار البلاد وتقوية مؤسساتها.
مستقبل العلاقات السورية الروسية
روسيا لا تبدو مستعدة للتخلي عن وجودها في سوريا بسهولة، إذ قدمت دعماً عسكرياً واقتصادياً ضخماً منذ الخمسينيات. ومع تشكيل نظام جديد بقيادة أحمد الشرع، أكد الأخير أن العلاقات مع روسيا “استراتيجية”.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف استغل هذا الوصف ليؤكد أهمية العلاقة بين البلدين، قائلاً: “لدينا قواسم مشتركة مع أصدقائنا السوريين، وسنعمل على تعزيزها”.
إعادة بناء الجيش السوري وبنيته التحتية ستتطلب شراكات دولية، وروسيا تبدو الخيار الأكثر منطقية. ويرى المراقبون أن مستقبل العلاقة سيتحدد بناءً على قدرة الطرفين على تجاوز الماضي والتركيز على المصالح المشتركة، مما قد يمهد الطريق نحو شراكة أكثر براغماتية واستقراراً.
