أحمد خميس
تضاف رواية باب الأبواب إلى قائمة الروايات التي كرّست نفسها لتصوير وتوثيق ما حدث في سوريا بصفة عامة ومدينة الرقة بصفة خاصة، يمكنني القول بأنه توثيق أدبي وعربون أسىً واعتذار إلى شخصيّات حقيقيّة تطرق إليها الروائي “يوسف دعيس” قبيل أن يختتم نصه.
في بدايات العمل وتحديداً في صفحاته الثلاثين الأولى، كان النص فريداً ككله من حيث مكانه؛ بديعاً بشخوصه القادمة من عصور غابرة، ممهدة لما سيحدث لاحقاً، سلساً بلغته السردية عذباً إلى نهايته.
أسرجَ من خلاله “دعيس” فرسه التي ستمضي به إلى غمار أحداث متفرقة يربطها خيط رفيع متصل بإطار العمل العام ألا وهو الثورة السورية، متسلحاً بشخصيتن رئيستين إحداهما معقّدة مركّبة البناء تعيش صراع المُقدِم المُحجم (الحسني) ذلك الصوفي الماجن اللامبالي سليل عائلة (السّيّاد)، يروي لنا الكاتب حياته بأسلوبه الذي أقحم إليه مفردته الشعبية الخاصة بشكل راق بعيد عن السطحية، وهو ما منح الشخصية واقعيتها حسبما أعتقد مبتعداً عن منهج السِيَر مقترباً من المونولوج.
وأما عن ثاني الشخصيات التي حملت على عاتقها زمام قيادة الأحداث لاحقاً فهي شخصية عطا الله ذلك الطفل الكاره لاسمه العاشق له فيما بعد.
هنا أصبح الكاتب يوجه لكماته مباشرة فارداً جميع أوراقه، فالرّقّة تلك المدينة البسيطة التي استحوذت على جزء كبير من البيئة العامة للنص قد التهمتها الحرب كما التهمت غيرها. فصوّر الكاتب بعدسة حرفه يومياتها في ظل تلك المرحلة من المظاهرات والاعتقالات، وما نجم عنها دون الغوص في جوهر تلك التفاصيل أو الولوج بعيداً في وصفها، لتنتهي الرواية خارج الرقة في بلاد اللجوء حاملة معها عطا الله الذي لازمته الاضطرابات النفسية من القلق ونوبات الهلع واضطرابات ما بعد الصدمة حاله كحالنا نحن قرّاء هذا العمل القيم الممتع.
رواية باب الأبواب صادرة عن دار فضاءات للنشر _ عمان_ الأردن