هل يتلاعب المبعوث الأممي بمفردات العملية السياسية في سوريا؟

أثار ترجمة مصطلحات وردت في مداخلات اجتماع اللجنة الدستورية السورية في جنيف، استخدمها المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، جدلاً واسعاً واعتراضاً بين صفوف عدد من أعضاء وفد المجتمع المدني.

وأصدر ستة أعضاء من وفد المجتمع المدني بياناً أشاروا فيه إلى ورود خطأ في الترجمة لبعض المصطلحات بإحاطة بيدرسون التي تلاها أمس، في إحاطة لمجلس الأمن، تحدثت عن محتوى الأوراق التي قدمتها الوفود الثلاثة في اللجنة الدستورية خلال جولتهم الأخيرة في جنيف في 30 تشرين الثاني الماضي.

وقال البيان، الذي وقّع عليه كل من إيمان شحود وإيلاف ياسين وخالد الحلو ورغداء زيدان وصباح الحلاق ومازن غربية، إنه ورد في النسخة الإنجليزية من إحاطة بيدرسون أن بعض أعضاء وفد الثلث الثالث قدموا نقاطاً، منها ما تحدث عن (restorative justice)، وهو ما تم ترجمته في النسخة العربية بـ (العدالة التصالحية).

وأكد البيان أن هذا المصطلح “لم يرد في أي كلمة من كلماتنا أثناء الجولة الأخيرة، فقد قدمنا مداخلات حول العدالة الانتقالية (Transitional Justice)، وكلماتنا مسجلة وبعضها قد تم طبعه وتوزيعه على الموجودين في الجولة”.

واستخدم ستة من أعضاء وفد المجتمع المدني مصطلح (العدالة التعويضية)، في سياق ورقة قدموها عن عودة اللاجئين، تحدثوا فيها عن “حق اللاجئين باسترداد ممتلكاتهم، التي حُرموا منها بطريقة تعسفية أو غير قانونية، وأن يعتبر الرد سبيل الانتصاف المفضل، وعنصراً أساسياً من عناصر العدالة التعويضية”.

وطالب بيان أعضاء المجتمع المدني الأمم المتحدة بأن يكون “الحديث عن المداخلات أكثر دقة، وألا يتم اختزال ما قُدّم بطريقة يظهر فيها عمل الثلث الثالث هامشياً”، مؤكدين على التزامهم “بنقل آلام الناس وطرح مطالبهم وتلبية تطلعاتهم”.

وكان المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، قال أمس في سياق إحاطته لمجلس الأمن إن “بعض أعضاء المجتمع المدني قدموا نقاطاً حول شروط العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين”، مشيراً إلى “القضايا ذات الصلة مثل إعادة المساكن والأراضي والممتلكات، والعدالة التصالحية، والآليات الدستورية المستقلة والمحايدة ذات الصلة”.

“العدالة الانتقالية” إجراءات أساسها قضائي تُرفد بإجراءات غير قضائية

يرى المحامي والحقوقي المختص بالقانون الدولي، الدكتور حسام الحافظ، أن “الانخراط في اللجنة الدستورية بحد ذاته خطأ كبير، وتثبيت لانحراف خطير عن مرجعيات العملية السياسية، والأجدى الانسحاب من اللجنة الدستورية وفق خطوات مدروسة سبق أن تحدثنا عنها”.

ويضيف الحافظ، في حديث مع موقع “تلفزيون سوريا”، أنه من الجانب القانوني والتفاوضي الصرف، فإن العدالة الانتقالية هي إجراءات أساسها قضائي، ولكن ترفد بإجراءات غير قضائية متنوعة، وتجارب الدول عن العدالة الانتقالية أعطتنا حزمة متنوعة من الإجراءات المصاحبة والمرادفة للوصول للعدالة، مثل: لجان الحقيقة، لجان المصالحة، إجراءات التعويضات المختلفة بأشكالها..

لكن الأساس أن هذه الإجراءات رديفة وليست أساسية، فالأساس هو اللجوء للقضاء لإحقاق الحق، أي تحديد المنتهكين، وتحديد الانتهاكات، وتحديد الضحايا، وتحديد الضرر، ومن ثم إقامة مبدأ المسؤولية، أي أن من قام بانتهاك معين يجب أن يدفع الثمن من خلال إجراءات قضائية، سواء كان عقوبات جزائية وفق قانون العقوبات الأساسي، أو إجراءات قضائية انتقالية بموجب قوانين جديدة.

وسمي مصطلح العدالة الانتقالية بذلك فقط لأنه مرتبط بحالات ما بعد النزاعات، ويتعامل مع تركة ثقيلة من انتهاكات متنوعة وكثيرة جداً، فالعدالة الطبيعية تتعامل مع مرتكبي الانتهاكات للقوانين الجزائية بشكل عام، ولحقوق الإنسان بشكل أوسع، لكن ليس بذات الكثافة التي تتم في زمن الحروب والنزاعات، وتحديداً الحروب الداخلية والأهلية، لكن ذلك لا يعني أبداً إسقاط الحق بالعدالة القضائية، التي هي الطريق الطبيعي للعدالة.

واستعمال مصطلحات أخرى هو لتخفيف وقع استعمال مصطلح العدالة القضائية الطبيعي عند وجود مفاوضات سياسية حول إنهاء النزاعات، فالوسيط الدولي يحاول دائماً أن يجد مصطلحات أقل خشونة لطرفي النزاع أو إن شئت للطرف المتعنت وهو النظام في حالتنا.

ويشير الدكتور حسام الحافظ إلى أن الأساس بالنسبة لقوى الثورة والمعارضة هو التمسك بالعدالة الكاملة، وإجراءات العدالة الأساسية وهي العدالة القضائية، وردفها بإجراءات أخرى تساهم بتخفيف التعامل مع الانتهاكات، لكن بدون وجود مبدأ مساءلة قضائية كاملة، لا يمكن الركون إلى وجود أي نوع من أنواع العدالة، فلا بد من وجود إجراءات قضائية واضحة.

Read Previous

استمرار المظاهرات بريف دير الزور احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية

Read Next

ضباط روس للعشائر: عدنا إلى دير الزور لإنهاء الفوضى

Leave a Reply

Most Popular