سيريا مونيتور -دمشق
حثت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الاتحاد الأوروبي على تحمل مسؤولية قيادية في مراجعة العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، مؤكدةً أن هذه العقوبات تعرقل تعافي البلاد وتفاقم الأوضاع الإنسانية المتدهورة.
وجاءت دعوة المنظمة الحقوقية عقب زيارتها الأخيرة إلى دمشق، وهي الأولى منذ 15 عاماً، حيث رصد باحثوها حجم الدمار الذي خلفته الحرب، إلى جانب التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها السوريون.
ووفقاً للمنظمة، فإن نحو 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، بينما يعاني نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي، مشيرةً إلى أن الأوضاع خارج العاصمة دمشق أكثر قسوة، مما يتطلب استجابة دولية عاجلة.
ورغم تعليق بعض العقوبات الأوروبية في قطاعات معينة مثل الطاقة والنقل، اعتبرت “رايتس ووتش” أن هذه التعديلات غير كافية، داعيةً إلى “مراجعة شاملة للعقوبات لضمان عدم إلحاق الضرر بالمدنيين”.
دعوات لتعزيز الأمن والعدالة الانتقالية
وشددت المنظمة على ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة لحماية المدنيين، داعيةً الاتحاد الأوروبي إلى تقديم الدعم المالي والفني لبناء قطاع أمني وقضاء مستقلين وخاضعين للمساءلة. كما أوصت بالتعاون مع السلطات السورية لضمان أداء المحققين المستقلين مهامهم بحرية، بما في ذلك دعم لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة والآلية الدولية المحايدة والمستقلة الخاصة بسوريا.
وأكدت المنظمة أن السماح لهذه الآليات بفتح مكاتب في سوريا سيكون “خطوة ضرورية لتعزيز المساءلة”، مشيرةً إلى أن الاتحاد الأوروبي “في موقع فريد لتقديم الدعم اللازم لإرساء أسس العدالة الانتقالية”، ودفع السلطات السورية نحو الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية.
رفع العقوبات وتسهيل العمل الإنساني
وفيما يتعلق بالعقوبات، أكدت “رايتس ووتش” أن استمرارها يعيق تعافي سوريا ويمنع المواطنين من الوصول إلى الخدمات الأساسية، داعيةً إلى اتخاذ تدابير تمنع “الإفراط في الامتثال للعقوبات”، والذي يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية.
كما طالبت الاتحاد الأوروبي بوضع “خريطة طريق واضحة” تحدد الخطوات اللازمة لرفع العقوبات المتبقية، والعمل مع الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تفرض عقوبات على سوريا لضمان عدم تأثير هذه الإجراءات سلباً على المدنيين.
حماية اللاجئين السوريين في أوروبا
وفيما يتعلق باللاجئين السوريين في الاتحاد الأوروبي، أكدت المنظمة ضرورة حماية حقوقهم، بما في ذلك منحهم فرصة زيارة بلادهم دون المخاطرة بفقدان وضعهم القانوني. كما حثت الدول الأعضاء على تسهيل “الزيارات الاستطلاعية” للسوريين المقيمين في أوروبا، مؤكدةً أن هذه الخطوة يجب أن تكون “أولوية” على جدول أعمال الاتحاد الأوروبي.
وخلصت “هيومن رايتس ووتش” إلى أن سقوط نظام بشار الأسد “أوجد مزيجاً من الأمل وعدم اليقين لدى السوريين”، مؤكدةً أن الوضع يتطلب استجابة دولية فعالة. وشددت على أن الاتحاد الأوروبي إذا كان جاداً في دعمه لسوريا، فعليه تكثيف جهوده في تخفيف العقوبات، دعم العدالة الانتقالية، وحماية اللاجئين، مع الالتزام الكامل بحقوق السوريين ومستقبلهم.