طغت أزمة الخبز على المشهد السوري في مناطق سيطرة نظام أسد، بعد انتشار صور لطوابير كبيرة لمواطنين يقفون أمام أفران الخبز وسط دمشق في الأيام الماضية، لتنذر تلك الظاهرة بأزمة طحين قد تضاف إلى أزمات السوريين.
ونشرت صفحات موالية على “فيس بوك” خلال اليومين الماضيين، صورا لطوابير ضخمة من السوريين أمام فرن الشيخ سعد بمنطقة المزة وسط العاصمة، وصورا أخرى لتجمعات شبيهة أمام فرن ضاحية مشروع دمر بدمشق.
ورسمت تلك الصور تعابير أزمة خانقة على الخبز في مناطق سيطرة أسد وخاصة العاصمة، لتبدأ التساؤلات تثار حول أسباب الأزمة التي يتوقع أن يكون سببها فقدان مادة الطحين من مخازن حكومة أسد، أو نقص المحروقات التي تعانيها سوريا.
ودفعت تلك الظاهرة مسؤولي حكومة أسد لنفي نقص الطحين الخاص بالأفران والحديث عن اكتفاء محلي في مؤسساتهم، بل وتبرير تلك الأزمة بـ “تخمير العجين داخل الأفران”، أو بسبب صيانة بعض الأفران الأخرى، وفق تصريحات مدير المؤسسة السورية للحبوب، يوسف قاسم.
وقال قاسم لموقع “شام تايمز” الموالي، قبل يومين، إن “الطحين متوفر ولم ينقطع، وبالنسبة لنوعية الطحين فهو يوزع نفسه على كل المخابز لكن الذي يختلف هو عملية التخمير، علماً أن تحديد الكميات أزعج البعض”.
كما اعتبر معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، في حكومة أسد رفعت سليمان، أن أسباب أزمة الأفران عائدة للصيانة وغيرها من المبررات بقوله، إن “عددا من المخابز يدخل في أعمال الصيانة الدورية، ولكن البعض يستغل هذا التوقف للترويج لإشاعة نفاد كمية الطحين، وهذا الأمر عار من الصحة”.
بدوره نفي أيضا مدير فرع مخابز دمشق، مؤيد الرفاعي، أمس، إغلاق أي من المخابز، مؤكداً أن جميع مخابز ريف دمشق التابعة للمؤسسة السورية للمخابز تعمل بطاقتها الإنتاجية حتى أن بعضها يستمر بالعمل خارج أوقات الدوام المحددة إذا اقتضت احتياجات أبناء المنطقة، وفقاً لما نشرته وزارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة أسد على صفحتها.
واستثنى من ذلك مخبز الكسوة معللاً السبب لأعمال الصيانة والترميم، وناشد أصحاب الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي للتعاون مع المكتب الصحفي بالوزارة للتأكد من أي معلومة قبل نشرها وعم فتح الأبواب أمام الشائعات.
كما حاول مسؤولو حكومة أسد تبرير أزمة الخبز الحالية باتهام معتمدي “البطاقة الذكية” بسرقة الخبز عبر التلاعب بالمخصصات تارة، وبين اتهام ميليشيا “قسد” بمنع فلاحي المنطقة الشرقية ببيع محصولهم من القمح لحكومة أسد، في محاولة لإنكار الواقع المعيشي الذي يعانيه السوريون في مناطق سيطرة النظام.
وأثارت تصريحات المسؤولين موجة من السخرية والنقد بين السوريين في مناطق أسد، على موقع “فيسبوك”، حيث علقت ليلى على أحد المنشورات المتعلقة، ” هلق بيطلع حدا من المسؤولين بيقلك هي بأبخازيا مو عنا بسوريا متل مبارح الصورة يلي نزلت..طلعو فورا كذبو الخبر انو مو عنا “، وفي حين قال علق الصقر الدمشقي “حكومة البطاقة الذكية هي النتائج”.
وتعد أزمة الخبز إحدى الأزمات التي فاقمت أزمات السوريين في مناطق أسد، إلى جانب أزمة الوقود والكهرباء والغلاء الفاحش وتدهور الليرة السورية وانخفاض معدل الرواتب إلى جانب أزمة وباء كورونا.
وكان وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة أسد محمد سامر خليل، قال لوكالة “رويترز” الأحد الماضي، إن سوريا بحاجة إلى استيراد ما بين 180 و200 ألف طن من القمح شهرياً، لتستطيع تغطية العجز الحاصل في مخزون القمح، واتهم الميليشيات حسب وصفه “بمنع المزارعين في مناطق سيطرتهم من بيع القمح إلى مناطق سيطرة النظام” مشيراً إلى ميليشيات قسد.
وسبق أن أقرت حكومة أسد قراراً ينص على توزيع مادة الخبز للسوريين عبر “البطاقة الذكية”، في الشهر الماضي، وحددت حصة كل أسرة وذلك بغرض تخفيف الازدحام على الأفران، لتبدأ أزمة الطوابير تتشكل في عموم الأفران في مناطق سيطرة أسد.
وحسب ما ذكر مايك روبسون، ممثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في سوريا في وقت سابق، إن سوريا واحدة من الدول العشر الأكثر تضرراً من انعدام الأمن الغذائي الحاد في عام 2019، حيث يعاني 35٪ على الأقل من سكانها من أزمة الغذاء.