سيريا مونيتور -دمشق
كشفت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) عن وجود أكثر من مئة موقع يُشتبه بأنه كان جزءاً من برنامج الأسلحة الكيميائية التابع لنظام الأسد في سوريا، مشيرة إلى أن العدد يفوق بكثير ما أُعلن عنه رسمياً خلال فترة النظام المخلوع، والذي اقتصر حينها على 27 موقعاً فقط.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز اليوم الأحد، فإن هذه المواقع يُعتقد بأنها استخدمت لتصنيع أو تخزين غازات قاتلة مثل السارين والكلور، التي لجأ إليها نظام الأسد ضد المدنيين والمعارضة المسلحة منذ اندلاع الثورة عام 2011.
مواقع مخفية وتحديات التفتيش
تقدير المنظمة استند إلى تقارير استخباراتية ومعلومات جمعتها منظمات غير حكومية وخبراء مستقلين، إضافة إلى إفادات من موظفين سابقين في البرنامج الكيميائي السوري. ووفق الصحيفة، فإن عدداً من هذه المواقع قد يكون مدفوناً في كهوف أو في أماكن نائية يصعب الوصول إليها أو حتى رصدها بالأقمار الصناعية، مما يزيد من صعوبة عمليات التفتيش والتوثيق.
وصرّح الكيميائي السوري السابق – الذي لم تكشف الصحيفة عن اسمه لأسباب أمنية – أن البرنامج بدأ في سبعينيات القرن الماضي بمساعدة مئات العلماء الذين تلقوا تدريباً في دول أوروبية مثل ألمانيا. وقد فرّ عدد من هؤلاء العلماء إلى أوروبا خلال الحرب، فيما بقي آخرون داخل البلاد.
وعلى عكس الحقبة السابقة، سمحت الحكومة السورية الجديدة بدخول فريق تابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى البلاد هذا العام، بهدف توثيق المواقع المشبوهة. كما تلقى الرئيس السوري أحمد الشرع برقية تهنئة من مدير المنظمة فرناندو آرياس بعد تشكيل الحكومة، في إشارة إلى تحسّن العلاقات والتعاون.
وكان الشرع قد استقبل وفداً من المنظمة في دمشق خلال شباط الماضي، تبعه تمثيل سوري رسمي في اجتماع المجلس التنفيذي للمنظمة في لاهاي خلال آذار.
وأكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في كلمته بالمجلس التنفيذي التزام الحكومة السورية الجديدة بالقانون الدولي، واستعدادها الكامل للتعاون مع المنظمة بهدف إغلاق هذا الملف نهائياً.
مخاوف أمنية من الجماعات المسلحة
ورغم هذا التعاون، عبّر التقرير عن قلق من إمكانية وصول جماعات مسلحة إلى بعض هذه المواقع، خصوصاً في ظل الحراسة الضعيفة لبعض المنشآت. ويؤكد التقرير أن نجاح سوريا في تأمين وتفكيك هذه المواقع سيمثل اختباراً لجدية الحكومة في طي صفحة ماضيها الكيميائي.
وفي هذا السياق، قال وزير الطوارئ والكوارث السوري رائد الصالح: “ما زالت هناك مواقع لا نعلم عنها شيئاً بسبب كذب النظام السابق على المنظمة”. كما أشار نضال شيخاني، رئيس مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية، إلى أن المركز استطاع تحديد عشرات المواقع الجديدة بناءً على إفادات من علماء سوريين سابقين مقيمين في أوروبا.
ترى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن العثور على هذه المواقع لا يندرج فقط في إطار الأمان الإقليمي، بل هو أساس لتحقيق العدالة، وجمع الأدلة التي قد تُستخدم لاحقاً في التحقيقات الدولية والملاحقات القضائية بحق المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين السوريين.