قدمت موسكو مؤخرا مقترحات للحد بشكل جذري من نفوذ الولايات المتحدة وحلف الناتو في جوارها، وأبدت واشنطن استعدادها لمناقشة المقترحات بالتشاور مع الأوروبيين.
وتزامن نشر هذه الوثائق مع التشنجات المتعاظمة بين موسكو والدول الغربية بشأن أوكرانيا المجاورة لروسيا. ويتهم الأميركيون والأوروبيون روسيا بالتحضير لهجوم عسكري على أوكرانيا.
وأشارت الناطقة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، تعليقا على هذه الاقتراحات، إلى أنه “لا مفاوضات حول الأمن الأوروبي من دون حلفائنا وشركائنا الأوروبيين”، وفق وكالة “فرانس برس”.
من جهته، اعتبر مسؤول أميركي كبير أن الولايات المتحدة “مستعدة لمناقشة هذه الوثائق حتى لو تضمنت أمورا معينة يعرف الروس أنها غير مقبولة”.
وتابع المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه للوكالة ذاتها “إذا شن عدوان آخر على أوكرانيا، فسيكون له عواقب وخيمة، وسيكون مكلفا للغاية”.
وينص الاقتراحان اللذان أطلق عليهما “معاهدة بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن الضمانات الأمنية” و”اتفاق حول تدابير لضمان أمن روسيا والدول الأعضاء” في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، على حظر أي توسع إضافي لحلف شمال الأطلسي وكذلك إنشاء قواعد عسكرية أميركية في الجمهوريات السوفييتية السابقة.
تجدر الإشارة إلى أنه من غير المعتاد أن يعرض دبلوماسيون علنا وثائق عمل كهذه إذ إن التكتم يسمح عموما بإعطاء هامش تحرك ضروري للمفاوضين. وتقع كل من الوثيقتين في أربع صفحات وتتضمنان تسعة وثمانية بنود على التوالي.
في هذا الإطار، رأى نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف مقدّماً للصحافة هذه الوثائق التي سلّمت هذا الأسبوع إلى مسؤولة كبيرة في وزارة الخارجية الأميركية أنه “من الضروري تدوين الضمانات الأمنية لروسيا وأن تكون لها قوة القانون”. كما اقترح بدء المفاوضات اعتبارا من السبت 18 كانون الأول الحالي، وقال إن موسكو عرضت على الأميركيين عقدها في جنيف.
ولفت ريابكوف إلى أن هذه المقترحات هي وسيلة لاستئناف التعاون الروسي-الغربي في “الغياب التام للثقة المتبادلة” مع الأخذ في الاعتبار السياسة “العدائية” لحلف شمال الأطلسي “في جوار روسيا”. واعتبر المسؤول أن الأمر هو “لاستئناف العلاقة استنادا إلى صفحة بيضاء”.
وسبق للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين أن دعا إلى مفاوضات “فورية” حول الضمانات التي ينبغي أن تقدم لأمن روسيا. وفي محادثات عبر الإنترنت مطلع كانون الأول طلب من نظيره الأميركي، جو بايدن ضمانات قانونية كهذه.
ووفقا لهذه المعاهدات، يُحظر على الولايات المتحدة إنشاء قواعد عسكرية في أي دولة من دول الاتحاد السوفييتي السابق ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي ولا حتى “استخدام بنيتها التحتية في أي نشاط عسكري أو تطوير تعاون عسكري ثنائي” معها.
كذلك يتعهد بموجبها كل أعضاء حلف شمال الأطلسي عدم الاستمرار في توسيع الناتو وعدم القيام بأي “نشاط عسكري على أراضي أوكرانيا وفي بلدان أخرى من أوروبا الشرقية وجنوب القوقاز وآسيا الوسطى”.
لكن الناطقة باسم البيت الأبيض أكدت الجمعة الماضية “عدم المساومة إطلاقا على المبادئ الأساسية للأمن الأوروبي، وخصوصا حق جميع البلدان في أن تقرر مصيرها وسياستها الخارجية بدون أن تخضع لأي نفوذ خارجي”.
ويشكل توسع حلف شمال الأطلسي ليشمل جمهوريات سابقة في الاتحاد السوفييتي خطا أحمر بالنسبة لموسكو بيد أن أوكرانيا وجورجيا مرشحتان للانضمام إلى الحلف. ورفضت الدول الغربية إغلاق أبواب حلف شمال الأطلسي أمام هذين البلدين إلا أنها جمدت في الواقع عملية الانضمام.
وتتهم واشنطن وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي موسكو بحشد عشرات آلاف العسكريين عند حدود أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة تحضيرا لغزو محتمل وتهدد روسيا بعقوبات غير مسبوقة.
لكن الكرملين ينفي تلك المزاعم ويقول إن روسيا مهددة من حلف شمال الأطلسي الذي يسلح كييف ويزيد من انتشاره العسكري في منطقة البحر الأسود.
ولا ترى واشنطن أن اجتياحا روسيا لأوكرانيا هو أمر وشيك. وصرح مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان للصحافيين الجمعة مستندا إلى تحليل الحكومة الأميركية أن بوتين “لم يتخذ بعد قراره”.