نادر دبو |خاص| سيريا مونيتور
أما فوزي العمارين، البالغ من العمر 62 عامًا، من ريف القنيطرة الجنوبي، فقد أوضح لمراسل سيريا مونيتور أنه يعاني من أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، كما أنه أصيب بجلطة قبل عامين وخضع لعملية قلب مفتوح، ما يجعله بحاجة إلى أدوية مستمرة للحفاظ على صحته. وأضاف:
“نحن كبار في السن، وليس لنا سوى هذه الأدوية، لكنها أصبحت عبئًا علينا! أصبت بجلطة منذ عامين وخضعت لعملية قلب مفتوح، لذا يجب أن أتناول الأدوية بشكل دائم، لكن الأسعار ترتفع بدلًا من أن تنخفض! كنت أشتري دواء الضغط بـ 30 ألف ليرة، والآن أصبح بـ 50 ألف، في حين أن الراتب لا يتحرك! يجب أن تكون هناك رقابة على الأسعار، لأن الوضع أصبح لا يُطاق. في بعض الأحيان، لا أتمكن من شراء الدواء بسبب الظروف الاقتصادية، فأضطر إلى اللجوء لعيادات الأمم المتحدة (UN)، حيث يقدمون لي الدواء ويدخلونني إلى المستوصف التابع لهم. هذا الأمر ساعدني قليلًا، لكن من المفترض أن تكون الأدوية متوفرة لنا بأسعار مناسبة بدلًا من البحث عن حلول بديلة”.
أما ياسين أبو شنار، البالغ من العمر 40 عامًا من درعا، فقد أعرب لمراسل سيريا مونيتور عن استيائه من الارتفاع غير المبرر لأسعار الأدوية، رغم أنه لا يعاني من أي أمراض، وقال:
“حتى لو لم يكن الشخص مريضًا، صار عليه أن يحسب حساب الأدوية! سابقًا، كنت أشتري أدوية بسيطة مثل المسكنات أو المضادات الحيوية بأسعار معقولة، أما الآن فقد أصبح سعر أي شريط دواء يصل إلى 15 ألف ليرة أو أكثر! إذا مرض الشخص -لا سمح الله- وأصبح بحاجة إلى مضاد حيوي أو إبرة، فعليه تخصيص ميزانية مستقلة لذلك. لماذا لا تنخفض الأسعار رغم تحسن سعر الصرف؟ المشكلة ليست فقط للمرضى، بل حتى للأشخاص العاديين الذين أصبحوا يعانون من غلاء الأدوية”.
من جانبها، أكدت وطفه الناصر، البالغة من العمر 50 عامًا من مدينة درعا، لمراسل سيريا مونيتور أن ارتفاع أسعار الأدوية يزيد من معاناة العائلات مع اقتراب شهر رمضان، مضيفة:
“هذا الشهر معروف بزيادة المصاريف، كما أن الناس تحتاج إلى الأدوية أكثر مع الصيام، خاصة المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم والسكري. أنا أشتري دواء السكري شهريًا بـ 150 ألف ليرة، لكنه أصبح الآن بـ 250 ألف! إذا كان الشخص مضطرًا لتأمين ثمن الأدوية إلى جانب مصاريف رمضان، فلن يعرف ماذا يترك وماذا يأخذ! من المفترض أن تلتفت الحكومة إلى هذه المشكلة وتدعم أسعار الأدوية خلال هذا الشهر الكريم”.
تصريح خاص للدكتورة صبرية خليل حرب، عضو نقابة الصيادلة
حول آلية تحديد أسعار الأدوية في سوريا:
أوضحت الدكتورة صبرية خليل حرب، لمراسل سيريا مونيتور، أن عملية تسعير الأدوية في سوريا تتم وفق آلية معتمدة من وزارة الصحة، حيث تؤخذ بعين الاعتبار تكاليف المواد الأولية، وأسعار الصرف، وتكاليف الإنتاج، بالإضافة إلى عوامل أخرى تتعلق بالمصاريف التشغيلية لمعامل الأدوية. وأشارت إلى أن هناك لجانًا مختصة داخل الوزارة تتابع هذه المسألة وتصدر لوائح تسعيرية دورية تلتزم بها الصيدليات والشركات الدوائية.
عن الرقابة على الصيدليات والمعامل:
أكدت حرب أن هناك رقابة صارمة على التزام الصيدليات بالتسعيرة الرسمية، حيث تقوم فرق التفتيش التابعة لمديريات الصحة بجولات دورية لضبط أي مخالفة في الأسعار. وأوضحت أنه في حال وجود تلاعب أو استغلال، يتم اتخاذ إجراءات قانونية بحق المخالفين، تصل إلى فرض غرامات مالية وإغلاق الصيدلية في بعض الحالات. أما معامل الأدوية، فهي مطالَبة بالالتزام بالأسعار المحددة من قبل الوزارة، وأي تعديل في الأسعار يجب أن يكون بموافقة الجهات المختصة.
حول إمكانية إعادة النظر في تسعيرة الأدوية:
أضافت أن النقابة تدرك تمامًا الأعباء التي يتحملها المواطنون بسبب ارتفاع أسعار الأدوية، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة، وقالت:
“هناك دراسات مستمرة لإيجاد حلول توازن بين دعم قطاع الأدوية وضمان توفرها بأسعار مناسبة. أي تعديل في التسعيرة يعتمد على المعطيات الاقتصادية، ونحن نعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية على إيجاد آليات لضبط الأسعار وتحقيق استقرار في سوق الدواء”.
تصريح الصيدلانية نوال أبو السل حول أسباب استمرار ارتفاع الأسعار
أوضحت الصيدلانية نوال أبو السل، العاملة في مدينة درعا، لمراسل سيريا مونيتور، أن العديد من الأدوية شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار بعد سقوط النظام، وانخفاض سعر الصرف، وإزالة الحواجز، ومن أبرزها أدوية الأمراض المزمنة مثل أدوية الضغط والسكري وأمراض القلب، بالإضافة إلى المضادات الحيوية وأدوية الالتهابات التي يعتمد عليها المرضى بشكل يومي.
وأضافت:
“من المفترض أن تنخفض أسعار الأدوية مع تحسن سعر الصرف، لكن ما حدث كان العكس! المواد الخام المستوردة لا تزال مرتفعة الثمن، كما أن المعامل رفعت الأسعار بحجة ارتفاع تكاليف الإنتاج. بعض الأصناف زادت أسعارها بأكثر من 50% خلال الشهرين الماضيين، مثل الإنسولين وأدوية السكري ومميعات الدم، وهذا أثر بشكل كبير على المرضى، خصوصًا أولئك الذين يعتمدون على العلاج مدى الحياة”.
وأشارت إلى أن هناك نقصًا في بعض الأصناف الدوائية، ما ساهم في ارتفاع أسعارها نتيجة قلة توفرها في الأسواق. ونوهت إلى أن الحل يكمن في دعم الإنتاج المحلي وتسهيل استيراد المواد الخام بأسعار منخفضة، لتخفيف العبء عن المرضى.
دعوات لضبط الأسعار
مع استمرار هذه الأزمة، يطالب المرضى والجهات الصحية في درعا بتدخل حكومي لضبط الأسعار، وتوفير الأدوية بأسعار تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين. وأكد المواطنون أن معظم المرضى، وخاصة ذوي الأمراض المزمنة، يجدون أنفسهم في موقف صعب، مما يستدعي حلولًا جذرية لضمان حصولهم على العلاج اللازم دون أعباء مالية إضافية، خصوصًا مع اقتراب شهر رمضان وما يحمله من أعباء معيشية إضافية.