الخصخصة في سوريا: بين ضرورة الإصلاح الاقتصادي ومخاوف الفساد

سيريا مونيتور..

حكومة تسيير الأعمال السورية، برئاسة محمد البشير منذ سقوط النظام السابق، تتعامل مع “الخصخصة” كوسيلة لإنقاذ الاقتصاد السوري الذي يعاني من أزمات حادة. ويظهر ذلك جليًا في التصريحات المتكررة للمسؤولين، وآخرها إعلان وزير الخارجية، أسعد الشيباني، عن نية الحكومة خصخصة الموانئ والمصانع العامة بهدف إنعاش الاقتصاد المتدهور.

توجه حكومي نحو الخصخصة

الخصخصة، التي تعني تحويل الأصول المملوكة للدولة إلى القطاع الخاص، سواء بشكل كامل أو عبر شراكات، تبدو خيارًا مطروحًا بقوة في ظل الأوضاع المالية الصعبة. ويؤكد خبراء اقتصاديون أن إفلاس الخزينة العامة يجعل من الخصخصة حلاً ضروريًا لتعزيز النشاط الاقتصادي في البلاد.

ويشير الخبير الاقتصادي يحيى السيد عمر إلى أن الخصخصة ليست إيجابية أو سلبية بحد ذاتها، بل تعتمد على آلية تنفيذها. ويوضح أن التجارب السابقة في دول نامية أظهرت فسادًا إداريًا وماليًا في عمليات الخصخصة، مما جعلها تخدم المستثمرين ومسؤولي الدولة بدلاً من تحقيق المصلحة العامة. ويضيف أن نجاح الخصخصة في الدول الغربية جاء نتيجة تطبيقها وفق آليات شفافة ومدروسة.

الخصخصة بين الضرورة والمخاطر

من جانبه، يرى وزير الاقتصاد والمالية في “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، أن التوجه نحو الخصخصة يجب أن يتم بحذر، بحيث لا تُباع الأصول السيادية للدولة، بل يتم طرحها للاستثمار لفترات محددة. ويؤكد على ضرورة خصخصة المعامل الحكومية الخاسرة، مثل معامل النسيج والغذاء والإسمنت، نظرًا لقدرة القطاع الخاص على تحسين أدائها.

لكنه يشدد على أن الخصخصة وحدها ليست حلاً متكاملاً للأزمة الاقتصادية، مشيرًا إلى أهمية تحسين مناخ الاستثمار وزيادة دخل المواطن السوري قبل تحرير الأسعار.

غياب رؤية واضحة

مصدر اقتصادي مقرب من حكومة دمشق يرى أن الخصخصة قد تكون حلاً سريعًا لمعالجة الترهل في المؤسسات العامة، لكنه يلفت إلى عدم وجود خطة واضحة لدى الحكومة في هذا الشأن، ما يجعل القضية حساسة وتستدعي التريث قبل اتخاذ قرارات نهائية.

يؤكد الباحث الاقتصادي مخلص الناظر أن الخصخصة يجب أن تمر بمراحل مدروسة تشمل تحليل الأصول، وضع السياسات والتشريعات، التقييم المالي، واختيار الأسلوب المناسب، سواء عبر البيع المباشر، الشراكة بين القطاعين العام والخاص، أو طرح الأسهم في البورصة. كما يشدد على ضرورة المتابعة والمراقبة لضمان نجاحها.

ويشير إلى أن الخصخصة في سوريا تواجه تحديات عدة، منها البيئة السياسية غير المستقرة، الفساد، قلة الشفافية، وتأثيرها المحتمل على العمالة. لكنه يؤكد أن تطبيقها بشكل صحيح يمكن أن يجذب الاستثمارات الأجنبية ويحسن كفاءة القطاعات الحيوية، مما يساعد في إعادة بناء الاقتصاد السوري.

Read Previous

انهيار النظام السوري: وثائق مسربة تكشف فشل المخابرات وسرعة تقدم المعارضة

Read Next

تهنئات “عربية ودولية” للرئيس السوري أحمد الشرع في المرحلة الانتقالية

Most Popular