سيريا مونيتور -دمشق
نشرت إذاعة NPR الأميركية تقريراً موسعاً عن التحولات الجذرية التي شهدتها منظمة “الخوذ البيضاء” في سوريا، عقب سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، حيث انتقلت من مهام الإنقاذ خلال الحرب إلى دور محوري في إعادة بناء البلاد وخدمة السوريين في كافة المناطق، بما في ذلك العاصمة دمشق.
انتقال تاريخي من الأنقاض إلى البنية التحتية
تأسست الخوذ البيضاء عام 2013 كفريق تطوعي في مناطق المعارضة، واشتهرت بشجاعتها في إنقاذ المدنيين تحت القصف، وترشحت لجائزة نوبل للسلام، كما نال فيلم وثائقي عنها جائزة الأوسكار عام 2017. لكن مع سقوط النظام، تغير مسار عملها بشكل جذري.
اليوم، باتت المنظمة تُعرف باسم “هيئة الطوارئ والكوارث”، ويرأسها رائد صالح، مؤسس الخوذ البيضاء، بعد توليه منصب وزير الطوارئ في الحكومة السورية الجديدة. توسعت فرقها لتصل إلى مناطق لم تكن قادرة على العمل فيها سابقاً، مثل دمشق، حيث تقدم خدمات الإطفاء، وإزالة الألغام، وصيانة الطرق وشبكات المياه.
منظمات بلا رشوة.. ومهام لا تنتهي
يصف سكان العاصمة اندهاشهم من الخدمات التي تقدمها الفرق الجديدة. محمد باسم سعيد، أحد سكان دمشق، عبّر عن امتنانه لفرقة إطفاء تعاملت مع حريق في منزله، مؤكداً أنها “لا تطلب الرشاوى كما كان معتاداً في عهد النظام السابق”.
ورغم انتهاء العمليات القتالية الكبرى، ما تزال فرق الخوذ البيضاء تواجه تحديات ضخمة. فقد توسع نطاق عملهم من خدمة 5 ملايين شخص إلى أكثر من 20 مليوناً، بواقع 15 ألف مهمة شهرياً تشمل كل شيء من العثور على المفقودين، إلى إزالة المقابر الجماعية والذخائر غير المنفجرة، إضافة إلى التعامل مع آثار الهجمات الإسرائيلية والطائفية.
تحديات التمويل والتضليل
ورغم توسّع دورها، تعاني المنظمة من تقليص في التمويل الدولي، خاصة بعد تعليق الولايات المتحدة لمساعدات كبيرة خلال فترة حكم دونالد ترامب. إلا أن عدد أفراد الفريق ارتفع إلى أكثر من 3300 عضو، بعد أن تم تحويل العديد من المتطوعين إلى موظفين رسميين.
في المقابل، حاول نظام الأسد قبل سقوطه تشويه سمعة الخوذ البيضاء، واصفاً إياها بـ”الخونة والإرهابيين”، مدعوماً في ذلك بحملات دعائية من روسيا، لكن تلك الحملات فشلت في إيقاف زحف الفرق نحو قلب العاصمة.
في لحظة رمزية فارقة، انطلقت قافلة من فرق الخوذ البيضاء في 8 ديسمبر، من شمال غرب سوريا باتجاه دمشق، في أول دخول رسمي لها إلى العاصمة. عامر ظريفة، أحد أفراد الفريق، قال إنه شعر بمزيج من “الفرح والحزن والصدمة” عند عودته إلى مدينته بعد غياب دام لسنوات، واليوم يعمل من مركز إطفاء جديد أقامته المنظمة في دمشق.
وأكدت الخوذ البيضاء أنها ستواصل عملها في خدمة جميع السوريين، دون تمييز، في إطار مهمة جديدة عنوانها: “بناء مستقبل يليق بسوريا بعد الحرب”.