الرئيس السوري أحمد الشرع يختتم زيارة قصيرة إلى الأردن: ملفات ساخنة على الطاولة

سيريا مونيتور..

غادر الرئيس السوري، أحمد الشرع، العاصمة الأردنية عمّان، اليوم الأربعاء، عقب زيارة قصيرة استمرت لساعات، التقى خلالها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وولي عهده الأمير الحسين. ولم يتم الكشف عن تفاصيل المحادثات بشكل رسمي حتى الآن، إلا أن الديوان الملكي الأردني من المتوقع أن يصدر بيانًا لاحقًا يتناول أبرز ما جرى خلال اللقاء.

تأتي هذه الزيارة في ظل ظروف إقليمية حساسة، حيث يشهد الجنوب السوري تصعيدًا متزايدًا، مع استمرار الغارات الإسرائيلية وتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي شملت مطالبته بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في السويداء ودرعا والقنيطرة. كما أن هنالك توغلات عسكرية إسرائيلية استهدفت مناطق جنوب سوريا، إلى جانب قضايا أمنية وسياسية واقتصادية مشتركة بين البلدين.

الأمن والحدود.. الأولويات الأردنية والسورية

كان الملف الأمني حاضرًا بقوة في المباحثات، لا سيما في ضوء التهديدات الإسرائيلية المتزايدة. فقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن رفضه لوجود قوات سورية أو فصائل مسلحة جنوب دمشق، بينما أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن بلاده تسعى إلى إعادة تشكيل سوريا وفق نظام فيدرالي، وهو ما أثار احتجاجات واسعة داخل سوريا، خاصة في محافظة السويداء.

ويرى الباحث السياسي ياسر النجار، في حديث مع قناة “تلفزيون سوريا”، أن “الرئيس أحمد الشرع يبعث برسالة واضحة بأن سوريا عازمة على استعادة سيادتها وبسط نفوذها على كامل أراضيها”، مضيفًا أن “الموقف السوري واضح في رفض أي تدخلات خارجية أو محاولات تقسيم البلاد”.

من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، الدكتور أمين المشاقبة، أن “الأردن يراقب بقلق التطورات في الجنوب السوري، ويسعى إلى ضبط الحدود المشتركة ومنع أي تهديد أمني، سواء كان من عمليات التهريب أو التدخلات الخارجية”. وأضاف أن “الأردن يرفض محاولات إسرائيل فرض واقع جديد على الجنوب السوري، كما أنه لا يريد أي تصعيد قد يهدد استقراره الداخلي”.

التعاون الاقتصادي وإعادة الإعمار

لم يقتصر النقاش بين الجانبين على الملفات الأمنية، بل شمل أيضًا قضايا اقتصادية حيوية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها سوريا. وتبرز أهمية التبادل التجاري بين البلدين، حيث يسعى الجانبان إلى استعادة النشاط الاقتصادي الحدودي وتعزيز فرص التجارة والاستثمار.

وفي هذا السياق، أشار الدكتور المشاقبة إلى أن “الأردن قادر على لعب دور رئيسي في إعادة إعمار سوريا، خاصة من خلال شركاته الكبرى في مجالات الإسمنت والبنى التحتية”، مضيفًا أن “مشاريع الطاقة والربط الكهربائي بين الأردن وسوريا قد تعود إلى الواجهة قريبًا، بما يسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية للطرفين”.

أما الباحث ياسر النجار، فيرى أن “الانفتاح الاقتصادي بين البلدين يمكن أن يشكّل عنصرًا مهمًا في استقرار سوريا مستقبلاً”، موضحًا أن “دمشق تسعى إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الدول العربية، بما في ذلك الأردن، لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية المستمرة”.

ملف اللاجئين السوريين في الأردن

يُعدّ ملف اللاجئين السوريين من بين القضايا الرئيسية التي ناقشها الجانبان، حيث يستضيف الأردن أكثر من 1.4 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع الأزمة عام 2011، مما فرض ضغوطًا اقتصادية واجتماعية على موارده.

وأكد الباحث النجار أن “الرئيس الشرع يوجّه رسالة واضحة إلى اللاجئين السوريين في الأردن، مفادها أن سوريا اليوم أكثر استقرارًا، وأن العودة الطوعية أصبحت ممكنة”، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد تعاونًا بين عمّان ودمشق لتسهيل عودة اللاجئين.

من جهته، شدد الدكتور المشاقبة على أن “الأردن يريد حلًا دائمًا لأزمة اللاجئين، عبر تعاون إقليمي ودولي يضمن عودتهم بشكل آمن ومنظم، بما يحفظ كرامتهم وحقوقهم”.

العقوبات الدولية والمساعي الدبلوماسية

كما ناقشت الزيارة العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، حيث تسعى دمشق إلى حشد الدعم العربي والإقليمي للضغط على الولايات المتحدة وأوروبا لتخفيف هذه العقوبات، التي تعيق التعافي الاقتصادي.

وفي هذا الإطار، يرى المشاقبة أن “الأردن يمكن أن يلعب دورًا دبلوماسيًا مهمًا في القمة العربية المقبلة، والتي ستُعقد في آذار المقبل في القاهرة، حيث سيتم طرح قضية رفع العقوبات عن سوريا على جدول الأعمال”.

تحمل زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الأردن دلالات استراتيجية واضحة، خاصةً في ظل التغيرات الإقليمية الراهنة. فالأردن، بفضل موقعه الجغرافي وعلاقاته الإقليمية، يمكن أن يكون شريكًا رئيسيًا لسوريا في تجاوز تحديات المرحلة القادمة، سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي.

وبينما تسعى دمشق إلى استعادة علاقاتها مع الدول العربية وتعزيز موقعها الإقليمي، يبدو أن عمّان تنظر إلى هذه العلاقة من زاوية المصالح المشتركة، خاصةً فيما يتعلق بتأمين الحدود، والتعاون الاقتصادي، والمشاركة في جهود إعادة الإعمار. الأيام المقبلة ستكشف مدى نجاح هذه الزيارة في تحقيق اختراقات حقيقية في الملفات العالقة بين البلدين.

Read Previous

“الإدارة الذاتية” ترفض مؤتمر الحوار الوطني السوري: “لن نعترف بمخرجاته”

Read Next

تركيا تؤكد دعمها لمؤتمر الحوار الوطني السوري وتحذر من السياسات الإسرائيلية

Most Popular