سيريا مونيتور – نادر دبو
يدخل اختطاف المتطوع في الدفاع المدني السوري، حمزة العمارين، يومه الثالث والعشرين، في حادثة باتت مثالًا على تزايد المخاطر التي يتعرض لها العاملون في المجال الإنساني جنوب سوريا، وسط غياب أي تحرك جاد من السلطات المحلية أو الجهات الفاعلة في محافظة السويداء للكشف عن مصيره أو ضمان سلامته.
العمارين، الذي يعدّ من أبرز وجوه الدفاع المدني في الجنوب، عُرف خلال السنوات الماضية بشجاعته وتفانيه، حيث شارك في عمليات إنقاذ تحت القصف، وأخرى خلال الكوارث الطبيعية والحرائق، متواجدًا دائمًا في الخطوط الأمامية، واضعًا حياته في خطر من أجل إنقاذ الآخرين.
بيان الدفاع المدني: “استهداف للعمل الإنساني”
في بيان صدر اليوم الخميس، أكدت منظمة الدفاع المدني السوري أن عملية اختطاف العمارين، التي نفذتها مجموعة مسلّحة محلية أثناء قيامه بمهمة إنسانية في مدينة السويداء، تشكّل “انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني” وتستهدف العمل الإغاثي بشكل مباشر.
وجاء في البيان: “حمزة هو أحد أبطال الدفاع المدني السوري ممن كرّسوا حياتهم لإنقاذ الأرواح وتقديم المساعدة في أصعب الظروف. اختطافه جريمة بحق الإنسانية، وتهديد خطير لسلامة فرق الإنقاذ”.
وطالبت المنظمة بالإفراج الفوري عنه، محمّلة الفصائل المسيطرة على السويداء المسؤولية الكاملة عن حياته، وداعية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل للضغط على الخاطفين ومحاسبتهم.
شهادة العائلة: قلق متصاعد ومصير مجهول
غزوان العمارين، شقيق حمزة، قال لـ”سيريا مونيتور” إن العائلة تعيش “أيامًا ثقيلة” منذ اختطافه، موضحًا: “23 يومًا ونحن بلا أي خبر. أطفاله يسألون عنه يوميًا، ونحن عاجزون عن تقديم أي إجابة. لم نتلقَّ أي اتصال من الخاطفين أو أي جهة في السويداء. ما نريده بسيط: أن نعرف إذا كان على قيد الحياة”.
وأضاف غزوان أن العائلة تواصلت مع منظمات حقوقية وإنسانية محلية ودولية، لكن حتى الآن لم تثمر هذه الجهود عن أي معلومة، مشددًا على أن “اختطاف حمزة وهو في مهمة إنقاذية هو اعتداء على قيم العمل الإنساني بأكملها”.
صمت رسمي وغضب شعبي
ورغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على الحادثة، لم تصدر أي بيانات من السلطات المحلية أو الأمنية في السويداء حول ملابسات الاختطاف أو هوية الجهة المسؤولة. هذا الصمت أثار موجة غضب في الأوساط المدنية والحقوقية، حيث اعتبر ناشطون أن غياب أي موقف رسمي يعكس “عجزًا أو تقاعسًا” عن مواجهة ظاهرة الخطف التي تتصاعد في المحافظة.
وتشير تقارير محلية إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت زيادة ملحوظة في عمليات الخطف والاحتجاز من قبل مجموعات مسلحة خارجة عن القانون، مستغلة حالة الفوضى الأمنية وتراجع سلطة الدولة في المنطقة. ويؤكد ناشطون أن استمرار هذه الظاهرة يقوّض ثقة المدنيين في أي بيئة أمان أو حماية محلية.
حملات تضامن ومطالب بالمحاسبة
ردًا على استمرار احتجاز العمارين، أطلق نشطاء سوريون حملة إلكترونية على منصات التواصل الاجتماعي، تهدف للضغط من أجل إطلاق سراحه، وتسليط الضوء على المخاطر التي تواجه العاملين في المجال الإنساني في سوريا.
ويرى القائمون على الحملة أن قضية حمزة تتجاوز شخصه لتصبح رمزًا لمعاناة المتطوعين، وأن إفلات الخاطفين من العقاب يشجع على تكرار الانتهاكات بحق الفرق الإغاثية، ما قد يعيق قدرتها على العمل ويضع حياة المدنيين المهددة أصلًا في خطر أكبر.
حمزة العمارين… إنسان قبل أن يكون متطوعًا
إلى جانب عمله في الدفاع المدني، كان حمزة معروفًا بين أصدقائه وأبناء منطقته بروحه المرحة واستعداده الدائم للمساعدة، حتى خارج إطار العمل الرسمي. واليوم، تحولت صورته بالزي البرتقالي إلى رمز للحملة المطالبة بحريته، فيما يواصل أهله وزملاؤه الانتظار، متمسكين بالأمل رغم الصمت المطبق حول مصيره.
ويبقى السؤال معلقًا بعد 23 يومًا من الاختطاف: أين حمزة؟