سيريا مونيتور
أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” تقريراً بعنوان “سلسلة من الانتهاكات داخل وخارج سوريا ينفذها النظام السوري عند استخراج جواز السفر”، أشارت فيه إلى اعتقال 1168 حالة في دوائر الهجرة والجوازات، بينهم 16 طفلاً و96 سيدة، تحول 986 منهم إلى حالة اختفاء قسري.
وقال التقرير إن النظام السوري “عانى مع انطلاق الحراك الشعبي في سوريا من شح في الموارد المادية، بسبب توظيف مدخرات الدولة السورية في قمع الحراك الشعبي، وبدأ بالتفكير بموارد مالية جديدة، لا سيما مع الانهيار المتسارع الذي بدأ يشهده الاقتصاد السوري، وكان جواز السفر أحد هذه الموارد، لأنه بات الوثيقة الأكثر أهمية بالنسبة للسوريين الذين تشردوا داخل وخارج سوريا، وكذلك بالنسبة للسوريين الذين يحلمون بمغادرة سوريا مع التراجع المأساوي في الظروف المعيشية”.
وأضاف أنه “مع كثرة الطلب على جواز السفر وجد النظام السوري فرصة ذهبية لرفد خزائنه بالعملة الأجنبية، فأصبحت أسعار منح جواز السفر بمثابة بورصة آخذة في الارتفاع المستمر، ويمكن ملاحظة ذلك عبر المراسيم التي أصدرها النظام السوري”.
وذكر مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فضل عبد الغني، أن النظام السوري “استغل حاجة الشعب السوري لإصدار جواز سفر على غرار بقية دول العالم، فمارس أقسى درجات النهب عبر وضع أغلى سعر جواز سفر في العالم، إلى جانب أنماط عديدة من انتهاك الكرامة الإنسانية، وكأنه يقدم جواز السفر من مزرعته الخاصة”.
وطالب عبد الغني “المجتمع الدولي بخلق بديل قانوني لإصدار جوازات السفر في حالات النزاع المسلحة الداخلية، وعدم ترك هذا الملف الحساس بيد السلطة المسيطرة، وحرمان أعداد هائلة من المواطنين قد تصل إلى نصف الشعب من هذه الوثيقة الحيوية، أو ابتزازهم مادياً وأمنياً بشكل سادي”.
ورصد التقرير ستة أنماط رئيسية من الانتهاكات التي تطول السوريين في أثناء محاولتهم الحصول على جوازات السفر، أولها فرض النظام السوري الموافقة الأمنية على كل من يرغب بالحصول على جواز سفر ما بين عامي 2011 و2015، والهدف من ذلك هو حرمان المعارضين من الحصول على هذه الوثيقة.
وعلى الرغم من أن الموافقة الأمنية لم تعد مطلوبةً بعد عام 2015، إلا أن النظام السوري لم يتوقف عن استخدام جواز السفر كسلاح لملاحقة المعارضين والتضييق عليهم، إذ يخضع كل مُتقدِّم للحصول على جواز سفر إلى عملية تدقيق ومطابقة مع قوائم الملاحقين والمطلوبين للنظام السوري، وبالتالي فإن ذلك يضع المتقدمين لطلب جواز سفر، أو أحد أفراد الأسرة الذين يقدمون طلباتهم بالنيابة عنهم، تحت خطر التعرض للاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري.
ووثق التقرير منذ آذار 2011 وحتى شباط 2024، ما لا يقل عن 1912 حالة اعتقال، بينهم 21 طفلاً و256 سيدة، و193 حالة لأشخاص قاموا بإجراء تسويةً لوضعهم الأمني في وقتٍ سابق، تم اعتقالهم في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري وذلك في أثناء وجودهم لإجراء معاملات في دوائر الهجرة والجوازات في عدة محافظات سورية.
وأفرجت قوات النظام السوري عن 723 حالة منهم، في حين قضى 21 منهم بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية داخل مراكز الاحتجاز التابعة لها، وبقي 1168 حالة اعتقال، بينهم 16 طفلاً و96 سيدة، تحول 986 منهم إلى حالة اختفاء قسري.
كما وثق التقرير حالات انتهكت فيها كرامة المواطنين في أثناء استخراج أو تجديد جواز السفر، ففي فروع إدارة الهجرة والجوازات غالباً ما يتعرض المواطنون لسوء المعاملة من الموظفين ويضطرون إلى الوقوف في طوابير لساعات طويلة دون الحصول على دور في نهاية المطاف، ويتم اعتماد هذه الاستراتيجية في الغالب كي يضطر المواطنين لدفع رشىً لبعض الموظفين أو السماسرة المرتبطين بالأجهزة الأمنية كي يتم تيسير معاملاتهم بشكل أسرع.
أما عن المعاملة في قنصليات وسفارات النظام السوري، فقد ذكر التقرير وجود اختلافات واضحة، ففي حين تتعامل القنصلية السورية في جنيف في سويسرا بشكل اعتيادي في إجراء المعاملات، يُعاني السوريون نمطاً مقصوداً من الإذلال والابتزاز في القنصلية السورية في مدينة إسطنبول في تركيا التي تضم العدد الأكبر من اللاجئين السوريين.
وأشار التقرير إلى أن المواطن السوري لا يتمكن في العديد من البلدان من حجز دور في القنصلية السورية عن طريق المنصة الإلكترونية، بسبب عدم وجود مواعيد متاحة على المدى القريب، حيث يكون أقرب موعد بعد عام أو عامين من تاريخ التقديم، وبالتالي لا يبقى خيار أمام هؤلاء سوى التعامل مع الوسطاء والسماسرة، الذين ينسقون بدورهم مع موظفي القنصليات.