ذكرت مصادر أن الفصائل الفلسطينية في سوريا أوعزت لكوادرها بضرورة “منع” الاجتماعات واللقاءات والوجود في المكاتب، بعد توجيهات تلقتها من مكتب الأمن الوطني التابع للنظام في ذلك.
مصادر في الفصائل الفلسطينية أكدت أن القرار لم يكن مفاجئاً بل كان متوقعاً، علماً أن الفصائل بدأت مسبقاً بتقليص نشاطاتها ذاتياً تحسباً من أي اختراق أمني إسرائيلي بظل الاختراق الواسع الذي تعاني منه الساحة السورية والذي أدى لاغتيال عدد كبير من القيادات الفلسطينية وكوادرها.
ويشير المصدر إلى أن رسالة الأمن الوطني كانت بصيغة الأمر وليس النصح، ما يشير إلى مخاوف من تعرض الكوادر المخالفة لذلك إلى مساءلات أمنية أو ملاحقات، خاصةً أن بعض الفصائل أعادت العمل في مكاتبها ضمن مخيم اليرموك ما يعرض القيادات والكوادر للمساءلة عن سبب الدخول عند الحواجز.
كل ذلك رفع من درجة الحذر في طبيعة التعاميم الداخلية ضمن الفصائل والتي كانت بصيغة “المنع” أيضاً. حيث منعت الفصائل كوادرها وقياداتها بشكل تام من الوجود في المكاتب نهائياً، واقتصار الحضور على الحراسات فقط.
ليس ذلك فحسب، بل منعت الفصائل كوادرها من اللقاءات خارج المكاتب أيضاً، وتوقيف جميع الأنشطة، ويشير المصدر إلى أن العمل في الفصائل سيأخذ طبيعة العمل السري وسيقتصر على مجموعات قليلة جداً من قيادات الطوارئ فقط.
وتؤكد المصادر أن الفصائل في سوريا، كانت قد وضعت خططاً للطوارئ الأمنية والحربية، وسيتم البدء بتنفيذها فوراً، ولم يخف المصدر مخاوف الفصائل من الاختراقات الأمنية في الساحة السورية رغم تطبيق أعلى معايير الحذر.
وتخشى الفصائل في سوريا، من تصاعد التشديد على المكاتب وصولاً إلى مرحلة إغلاقها نهائياً ومنع مظاهر عملها بشكل تام حيث لم يذكر تعميم الأمن الوطني فترة زمنية محددة.
كما لفتت المصادر إلى أن الفصائل لا تستطيع البحث في خيار الخروج من سوريا إلى مكان آخر للعمل خاصةً أن “دول الطوق” كلها مهددة ومخترقة ما يجبرهم على العمل في الخفاء.
وبررت الفصائل لكوادرها منع الاجتماعات واللقاءات والوجود في المكاتب بأنه سبب أمني خوفاً من أي استهداف إسرائيلي لهم وحرصاً على سلامتهم كما جاء في تعميم الأمن الوطني، لكن تلك الأسباب ما تزال غير مقنعة بالنسبة لكثيرين من كوادر الفصائل الفلسطينية الذين كما اشار إلى أن ” خيار المقاومين كان يجب أن يكون في عسكرة العمل الفلسطيني وفتح الجبهات وليس تقييد الفصائل المسلحة خاصة”.
وينتقد بعض الكوادر في الفصائل الفلسطينية تعميم الأمن الوطني، ويجدون فيه نوعاً من الوصاية والتدخل في كيفية عمل الفصائل الفلسطينية بإدارة المقاومة، ومحاولة لتقليص عملها وتغيير طبيعتها من فصائل مقاومة إلى ما يشبه “الدكاكيكن” وخاصةً عند تحديد دوامها حتى الساعة الثانية ظهراً “وكأن الاستهدافات لا يمكن أن يتم إلا بعد الثانية ظهراً” على حد تعبيرهم، يضاف إلى ذلك منع حمل الأسلحة بكل أشكالها.
وأصدر “مكتب الأمن الوطني” التابع للنظام السوري، تعميماً قيّد بموجبه نشاطات الفصائل الفلسطينية في العاصمة دمشق. وأفاد موقع صوت العاصمة المحلي أن مكتب الأمن الوطني (أعلى سلطة أمنية في سوريا) أرسل تعميماً لجميع مكاتب الفصائل الفلسطينية السياسية منها والعسكرية وحتى ذات الطابع الاجتماعي، بضرورة منع التجمعات والاجتماعات وتقليص وجودهم في المكاتب والمقار التابعة لهم.
وأشار الموقع نقلاً عن مصادر خاصة أنّ التعميم الذي وصل إلى الجهات الفلسطينية، مطلع تشرين الثاني الجاري، يتضمن تعليمات بتقليص ساعات العمل خلال أيام الدوام، في جميع الفعاليات المدنية والنشاطات الاجتماعية التي تقوم بها مكاتب الفصائل مثل جمعيات الحياكة والتعليم والمشاريع الصغيرة والجمعيات الخيرية، وتخفيضها عدد تلك المشاريع تدريجياً بحجة تهديدات إسرائيلية بقصف جهات فلسطينية موجودة في سوريا.
وتابع أن التعميم منع المبيت أو فتح المكاتب السياسية والمقار بعد الساعة الثانية ظهراً ومنع التجمع خارج المكاتب في أماكن عامة أو خاصة، إضافة إلى منع حمل الأسلحة والذخائر حتى الفردية منها في السيارات.
يُذكر أنه تم إغلاق مكاتب الفصائل الفلسطينية في سوريا عام 2002 سابقاً ولأكثر من عام، بعد تهديدات من رئيس وزراء الاحتلال أرييل شارون حينها حول احتضان النظام “لفصائل إرهابية” وسط ضغوط أميركية وتهديدات بهذا الصدد، ثم عادت للعمل عام 2007 بعد دخول شارون في غيبوبة عام 2006.
وعلى صعيد آخر، تثار بين الفلسطينيين شائعات كثيرة حول مستقبل وجودهم في سوريا بعد هذا التحول في المواقف من قبل النظام السوري، ومن تلك الشائعات هي بدء ممارسات التضييق على الفلسطينيين بطريقة ما لدفعهم للخروج من سوريا كتوقيف خدمات الأونروا ومخصصات البطاقة الذكية، ومعاملتهم معاملة الأجنبي، أو إجبارهم على التوطين والحصول على الهوية السورية بدلاً من التذكرة المؤقتة لللاجئين التي تحفظ حقهم في العودة وتعتبر دليلاً على جنسيتهم.