حذَّر العالِم الذي قاد أكبر بعثة استكشافية إلى القطب الشمالي، من أن نقطة التحول التي لا رجعة فيها في ظاهرة الاحتباس الحراري ربما تكون قد بدأت بالفعل.
وقال العالم البيئي ماركوس ريكس لوكالة AFP: “إن اختفاء الجليد البحري الصيفي في القطب الشمالي إحدى أولى علامات الإنذار في حقل الألغام هذا، وهي إحدى نقاط التحول التي بدأناها عندما دفعنا الاحترار لمرحلة بعيدة”.
وقاد ريكس أكبر مهمة في العالم إلى القطب الشمالي، وهي بعثة استكشافية ضمت 300 عالم من 20 دولة ضمن 600 شخص كانوا على متن السفينة التي وصلت إلى أبعد نقطة وصل إليها الإنسان شمالاً.
وتوجهت سفينة Polarstern الألمانية إلى القطب الشمالي، منطلقةً من النرويج؛ لدراسة فصل الشتاء وتأثير تغيراته على مناخ الكرة الأرضية، على مدى عام كامل، في سبتمبر/أيلول 2019.
بعثة القطب الشمالي تتحدى الشتاء
عادت البعثة إلى ألمانيا في أكتوبر/تشرين الأول عام 2020، بعد 389 يوماً قضتها في القطب الشمالي، حيث جلبت معها عند عودتها دليلاً مدمراً على احتضار المحيط المتجمد الشمالي، وتحذيرات من خلو الصيف من الجليد بحلول عقود فقط، حسب موقع دويتشه فيله.
وأعادت الحملة التي بلغت تكلفتها 165 مليون دولار، وتم توفير نصف الميزانية من قِبل الوزارة الاتحادية الألمانية للتعليم والبحث (BMBF).
كما دعمت الولايات المتحدة البعثة عبر المؤسسة الوطنية للعلوم، التي ساهمت بنحو 24 مليون دولار، مما يجعلها من بين أكبر مبادرات البحث في القطب الشمالي على الإطلاق.
في شتاء القطب الشمالي الذي يستمر نصف عام، يكون الجليد البحري كثيفاً جداً بحيث يتعذر على كاسحات الجليد البحثية اختراقه.
وبالتالي، فإن البيانات من القطب الشمالي المركزي تكاد تكون معدومة، لاسيما خلال فصل الشتاء.
وللوصول إلى وسط القطب الشمالي في الشتاء، اتّبعت بعثة MOSAiC خطى الرحلة الاستكشافية الشهيرة “لفريدجوف نانسن” مع السفينة الشراعية الخشبية “فرام: في الأعوام 1893-1896، قبل أكثر من 125 عاماً.
أظهرت رحلته الجريئة أنه كان من الممكن السماح لسفينة بالانجراف عبر الغطاء القطبي من سيبيريا إلى المحيط الأطلسي لتعلق في الجليد البحري السميك وتترك قوى الانجراف الطبيعي للجليد تقودها حيث تشاء.
وتم إنشاء مستودعات وقود في جزر قبالة سواحل سيبيريا خصوصاً للبعثة، دعمت عمليات الطوارئ المحتملة بواسطة مروحيات بعيدة المدى، والتي كانت قادرة على الوصول إلى Polarstern في حالة الطوارئ على الأقل خلال المراحل المبكرة والمتأخرة من الرحلة.
ماذا اكتشفت البعثة؟
عادت البحث بـ150 تيرابايت من البيانات وأكثر من 1000 عينة جليد.
وتلخيصاً لنتائجهم الأولى، قال ريكس إن العلماء وجدوا أن الجليد البحري في القطب الشمالي تراجع “أسرع في ربيع عام 2020، مما كان عليه منذ بداية التسجيلات”، وأن “انتشار الجليد البحري في الصيف كان نصف حجم ما سجَّله قبل عقود فقط”.
أما سماكة الجليد، فبلغت نصفها فقط وكانت درجات الحرارة أعلى بعشر درجات مما كانت عليه خلال رحلة “فرام”، التي قام بها المستكشفون والعالِمين فريدجوف نانسن وهجلمار يوهانسن في تسعينيات القرن التاسع عشر.
ونظراً إلى صغر سطح الجليد البحري، كان المحيط قادراً على امتصاص مزيد من الحرارة في الصيف، مما يعني أن تكوين الصفيحة الجليدية في الخريف كان أبطأ من المعتاد.
وتضمنت البيانات التي تم جمعها خلال الرحلة، قراءات عن الغلاف الجوي والمحيطات والجليد البحري والنظم البيئية.
من بين البيانات التي تم جمعها كانت عينات المياه من تحت الجليد؛ لدراسة العوالق النباتية والبكتيريا وتكوين فهمٍ أفضل لكيفية عمل النظام البيئي البحري في ظل الظروف القاسية، حسب موقغ Arctic Program.
ومن المتوقع نشر عدة مئات من المنشورات العلمية التي تحلل النتائج بين عامي 2021 و2023، والتي استهلتها بالتحذير من أن العالم مُقبل على كارثة.