دخلت القوات الروسية إلى سوريا أول مرة في خريف عام 2015 عندما طلب نظام بشار الأسد مساعدتها العسكرية ضد قوات المعارضة التي كانت توشك في تلك الأيام على إسقاط النظام لولا التدخل الروسي والإيراني لتثبيته. واليوم بعدما نجحت فصائل المعارضة المسلحة في إسقاط الأسد الذي فر إلى موسكو، أصبح الوجود العسكري الروسي في سوريا موضع تساؤل مع تولي جماعات المعارضة المسلحة التي لطالما وصفها الروس بـ”الجماعات الإرهابية” مقاليد السلطة في البلاد.
وأعلن الكرملين في 16 ديسمبر 2024 عن محادثات مستمرة مع الإدارة الجديدة للبلاد، مشيراً إلى أن مصير القواعد العسكرية الروسية في سوريا لا يزال قيد النقاش. فيما نقلت وكالة “رويترز” عن 4 مسؤولين سوريين أن روسيا بدأت بسحب قواتها من خطوط المواجهة في شمال سوريا ومن مواقع في جبال العلويين، لكنها لم تنسحب من قاعدتيها الأساسيتين، قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية وطرطوس البحرية. وتعد القاعدتان ركيزتين أساسيتين للوجود العسكري الروسي في البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا.
ووفقا لمصادر عسكرية سورية لـ”رويترز”، نقلت روسيا بعض المعدات الثقيلة وعدداً من الضباط السوريين الكبار إلى مواقع أخرى بعد سيطرة المعارضة على كامل البلاد. ورغم ذلك، لم تظهر أي مؤشرات على نية روسيا التخلي عن هاتين القاعدتين في الوقت الراهن.
متى بدأ التواجد العسكري الروسي في سوريا؟
- بدأ التدخل العسكري الروسي في سوريا بشكل علني ورسمي في 30 سبتمبر 2015، عندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدء العمليات العسكرية الجوية لدعم النظام السوري بقيادة المخلوع بشار الأسد. جاء هذا التدخل بناءً على طلب رسمي من الحكومة السورية، التي كانت تواجه آنذاك خطر السقوط بعد سيطرة فصائل المعارضة والجماعات المسلحة على مساحات واسعة من الأراضي السورية وتهديدها للعاصمة دمشق.
- ومع اشتداد الصراع الداخلي في سوريا منذ عام 2011، اعتبرت موسكو أن مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية مهددة بسبب احتمال تغيير النظام السوري، الذي يعد أحد الحلفاء الرئيسيين لروسيا في الشرق الأوسط. ولعلّ السبب الأهم وراء التدخل هو الحفاظ على القاعدة البحرية في طرطوس، التي تُعدّ الميناء البحري الوحيد لروسيا على البحر الأبيض المتوسط.
- قبل عام 2015، كان الدور الروسي مقتصراً على دعم سياسي ولوجستي محدود لنظام الأسد، حيث تم توريد الأسلحة والمعدات العسكرية، إضافة إلى وجود مستشارين عسكريين روس في سوريا. ومع تصاعد الصراع، رأت روسيا ضرورة للتدخل العسكري المباشر لحماية مصالحها الاستراتيجية، تماماً كما فعلت إيران.
- اعتمدت روسيا في تدخلها العسكري على شنّ غارات جوية مكثفة بواسطة طائرات حربية متطورة، مثل سوخوي 24 وسوخوي 34، على المناطق التي كانت تخضع لقوى المعارضة، إضافة إلى نشر منظومات دفاع جوي متقدمة، كما أرسلت قوات خاصة ومستشارين عسكريين لدعم العمليات الميدانية للجيش السوري السابق. فيما شرعت بتوسيع تواجدها العسكري في البلاد بالاتفاق مع النظام السابق.