إعاقة أي تقدم على الصعيدين العسكري والسياسي في سوريا:
تستمر التحركات الأمريكية على الصعيدين السياسي والعسكري الهادفة إلى منع تحقيق أي تقدّم سياسي أو ميداني في سوريا، لا سيما بعدما أبدت أنقرة رغبتها بالتقرّب من دمشق، وتشير التقديرات إلى أن واشنطن تسعى خلال الفترة المقبلة إلى خلق كيانات جديدة عسكرية وسياسية تابعة لها في سوريا، لا سيما بعد زيارات وفود “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” إلى دمشق، معلنين عن تخوّفهم من موقف واشنطن إزائهم في المرحلة المقبلة.
اجتماع سوري روسي تركي في موسكو:
الاجتماع الذي عُقد بين وزراء دفاع روسيا وسوريا وتركيا في موسكو نهاية كانون الأول الفائت، أنذر بجدّية مسار التقارب السوري- التركي، الأمر الذي أقلق “الوحدات الكردية” المدعومة أمريكياً، معلنين عن تخوّفهم من خيانة أمريكية جديدة لهم، لتنتشر أنباء فيما بعد عن زيارات قامت بها وفود كردية إلى العاصمة دمشق، كما أعلن القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية- قسد” مظلوم عبدي، أن “المساعدات التي تقدمها واشنطن إلى قسد محدودة وتنحصر بالأسلحة الفردية الخفيفة”، مضيفاً أن “هدف قسد هو الاعتراف بالإدارة الذاتية القائمة منذ عشر سنوات في شمال شرقي سوريا دستوريّاً، وتحت مظلّة الجيش السوري”.
حديث عبدي، عن السياسة الأمريكية إزائهم وانتقاده لها تكرر كثيراً في الآونة الأخيرة، لا سيما بعد الحملة العسكرية التي شنتها تركيا ضد “قسد” في 20 تشرين الثاني الفائت حيث قال في لقاء أجراه حينها مع قناة “روسيا اليوم”: “نحن دائماً قلقون من خيانة أمريكية جديدة”، ويتزامن هذا الحديث مع انتشار تقارير تؤكد أن واشنطن تعمل على تشكيل كيان مسلّح جديد شمال شرق سوريا، يكون بديلاً عن “قسد” تلبية للمطالب التركية، إلى جانب الحديث عن إجراءات أمريكية لتثبيت الوجود العسكري الأمريكي أكثر في المنطقة، حيث أفادت “الأناضول” التركية بأن القوات الأمريكية دفعت بتعزيزات جديدة إلى قواعدها العسكرية في محافظة الحسكة الخاضعة لسيطرة “قسد”، كما عبرت تعزيزات عسكرية ولوجستية الحدود السورية – العراقية من خلال معبر الوليد، وجرى توزيعها، الخميس 26 الشهر الجاري، على القواعد الأمريكية في الحسكة.
أمريكا تسعى إلى خلق كيانات معارضة في الأراضي السورية:
أما على الصعيد السياسي، فتشير التقديرات إلى أن واشنطن تسعى أيضاً إلى خلق كيانات معارضة سورية جديدة وعدم الاكتفاء بـ”الائتلاف المعارض” وغيره، وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادرها أن “الولايات المتحدة لم تعُد تحصُر اهتمامها بالائتلاف كما كان سابقاً، بعدما لمست تبعيّته المطلقة لأنقرة، وهي تعمل بالتعاون مع شركائها على إحياء مسارات جديدة، سواء عبر تقوية الحضور السياسي للإدارة الذاتية الكردية، أو عن طريق الجماعات المعارِضة الجديدة التي تنشط من نيويورك”، مشيرة إلى أن هذه الخطوة قد تكون “مرحلة جديدة قد ينتهي فيها دور الائتلاف”، وذلك بالتزامن مع الحديث عن اجتماع عُقد بين ممثلين عن كل من ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في جنيف لبحث الملف السوري، كما التقى ممثلو الدول مع المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، ووفد من “هيئة التفاوض المعارضة”.
محاولات لعرقلة التقارب السوري التركي:
تحاول الولايات المتحدة الأمريكية عرقلة مسار التقارب السوري- التركي، عبر عدة وسائل سواء بالإدانات الصريحة أو بالتحركات الميدانية والسياسية، أو محاولات التقرّب من تركيا وإبداء حسن نيّة تجاهها في الملف السوري، الأمر الذي يتناقض مع مصلحة أهم حليف لواشنطن في سوريا وهو “قوات سوريا الديمقراطية”، وفي هذا الصدد سبق أن قال السفير الأمريكي السابق لدى سوريا روبرت فورد: “تخيّل لو أنه جرى فتح سفارتين تركية وسورية في العاصمتين، بالطبع، ستعترض واشنطن، لكن ماذا بعد ذلك؟” مضيفاً أنه “من الواضح أن البعثة الأمريكية ليس باستطاعتها تسوية مشكلة داعش في سوريا، أو الحرب السورية” مشيراً إلى أن “واشنطن تعي هذا الأمر جيداً، لكن اعتبارات السياسة الداخلية لديها تطالب هي الأخرى بعملية سياسية في سوريا”.