يكتنف الغموض مصير مرعي الرمثان، أحد أبرز مهربي المخدرات من سوريا إلى الأردن، بعد انتشار أنباء عن توقيفه منذ أيام، من قبل شركائه في المخابرات العسكرية التابعة للنظام السوري، فما صحة هذه الأخبار؟ ومن هو الرمثان؟
وكانت شبكة “الراصد” المحلية قالت، قبل يومين، أن الرمثان اعتقل على يد أبو شعيب محمد غالية نائب رئيس مفرزة “الأمن العسكري” في مدينة صلخد جنوب السويداء، الذي كان يعد أحد أبرز المقربين منه لفترات طويلة، حيث سُلم إلى إدارة “الأمن العسكري” في دمشق.
من هو مرعي الرمثان؟
مرعي رويشد الرمثان الملقب بـ”أبو حمزة”، وهو من الشخصيات الغامضة كمصيره، والزعيم الفعلي لعشيرته، وقائد المليشيا الأقوى في بادية السويداء، والمسؤول عن إحدى أبرز شبكات تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن الذي يعتبره المطلوب الأول له في سوريا، بحسب وسائل إعلام أردنية.
لا تتوفر إلّا صور نادرة للرمثان، فهو حريص على عدم انتشار صوره، إذ شهدت حياته تحولاً دراماتيكياً من راعي ماشية في عام 2006، إلى أحد أهم تجّار المخدرات، والأثرياء، جنوبي سوريا، وفقاً لشبكة “السويداء 24” المحلية.
ينحدر الرمثان، البالغ من العمر نحو 45 عاماً، من قرية الشعاب، الواقعة في بادية السويداء، على بعد نحو 20 كم شمال الحدود السورية الأردنية، والشعاب قرية صغيرة، يقطنها نحو 3 آلاف نسمة، أغلبهم ينتمون لعشيرة الرمثان، التي ينتشر أفرادها على جانبي الحدود في سوريا والأردن.
ويشكّل الرمثان مع العشرات من أفراد عشيرته، ميليشيا مسلحة، بعتاد فردي ومتوسط، تنفذ مهاماً أمنية في البادية لصالح “المخابرات العسكرية”، بحسب “السويداء 24″، وتتولى عملية تهريب المخدرات ضمن منطقة نفوذها.
وكانت “السويداء 24” وثقت مقتل أربعة من أفراد عشيرته، في نيسان الماضي، برصاص حرس الحدود الأردني، في أثناء محاولتهم تهريب المخدرات، وكان من بين القتلى طفل دون سن الرابعة عشرة.
هل اعتقل النظام السوري مرعي الرمثان؟
وتبدو رواية اعتقال الرمثان عبر المساعد “أبو شعيب”، المسؤول عن مفرزة “المخابرات العسكرية” في صلخد، لإخراج الأخير من ورطته في تحقيقات تتعلق بتهريب المخدرات، غير منطقية، وفقاً لـ”السويداء”، فالميليشيا التي يقودها الرمثان تبعيتها الأمنية لشعبة “المخابرات العسكرية”، ومفرزة صلخد التابعة للشعبة أيضاً، وليست بالمستوى الذي يمكّنها من اعتقال شخصية بحجم الرمثان، الذي يفوق عدد رجاله في المنطقة، عدد عناصر المفرزة بأضعاف.
ونفى أحد عناصر مفرزة صلخد، لشبكة “السويداء 24″، الأنباء المتداولة عن اعتقالهم للرمثان، كما ادّعى أن المساعد “أبو شعيب” على رأس عمله، ولم يجري توقيفه أو التحقيق معه.
ولكن انتشار خبر اعتقال الرمثان، رافقته أنباء عن توقيفه مع شخصين آخرين، على حاجز قصر المؤتمرات، في مدخل العاصمة دمشق، يوم الثلاثاء الماضي. وبحسب مصادر مختلفة، تدخلت شعبة المخابرات العسكرية، للمطالبة بإطلاق سراحه. وتضاربت الروايات بين مقربين من الرمثان أكدوا الإفراج عنه وعودته لمنزله، وبعضهم ينفي اعتقاله اصلاً، وآخرون قالوا إنه لا يزال موقوفاً وينتظر إخلاء سبيله، وفقاً لـ”السويداء 24″.
لماذا ظهر اسم الرمثان على تلفزيون النظام السوري؟
اللافت أن اسم مرعي الرمثان، ظهر مؤخراً في تقرير على تلفزيون النظام السوري الرسمي، يشير إلى تورطه في عمليات تهريب المخدرات. ومن المعروف عن تلفزيون النظام، تلقّيه تعليمات أمنية في هذا النوع من الملفات، ما يدفع للتساؤل هنا، هل احترقت ورقة الرمثان؟ أم أنها صفقة لابتزازه واقتسام ثروته؟
إذ يمتلك مرعي الرمثان ثروة كبيرة، منها عقارات ومطاعم في دمشق، والمئات من رؤوس المواشي والإبل، وسيارات عديدة، إحداها مصفحة ضد الرصاص، اشتراها من “حزب الله” اللبناني، بحسب “السويداء 24” ولا يستقر في مكان واحد، فهو يتنقل دائماً بين السويداء ودمشق ولبنان.
من هم شركاء الرمثان؟
الموقع الجغرافي لقريته على مشارف الحدود الأردنية، وشبكة العلاقات التي تربطه مع شخصيات أمنية رفيعة المستوى في شعبة “المخابرات العسكرية”، فضلاً عن الشراكة التي تجمعه مع تاجر المخدرات اللبناني الشهير، نوح زعيتر، وشخصيات من “حزب الله”، كلها عوامل جعلت الرمثان أحد أبرز متزعمي شبكات تهريب المخدرات بين سوريا والأردن.
يبقى من المهم الإشارة إلى أن اسم مرعي الرمثان، أكبر من حجمه ودوره في ملف تهريب المخدرات، الذي تديره شبكات منظّمة من أمراء الحرب والسلطة في سوريا ولبنان، كـ”الفرقة الرابعة” ، و”حزب الله”، وليس للرمثان في هذا الملف، إلّا مهمة محددة: نقل المخدرات من سوريا إلى الأردن ضمن منطقة نفوذه الجغرافية.
وعلى غرار مرعي، توجد شخصيات عديدة في الجنوب السوري، مثل حسين المبروك، ومهيد الغياث، وعايد الشويعر، وغيرهم من زعماء شبكات التهريب. فهل انتهى دور مرعي، أم أنها مسرحية أمنية للضغط على الرمثان وإجباره على التخلي عن ثروته، كما حصل مع راجي فلحوط عندما أوقفه أمن الدولة التابع للنظام السوري على طريق حمص، وأطلق سراحه في نفس اليوم؟. تكمن الإجابة في أن توقيفه المؤقت إن حصل، لا يعدّ تغييراً في قواعد اللعبة، فالمخدرات لا تزال تتدفق من سوريا إلى الأردن بكميات كبيرة، وفق الرواية الرسمية الأردنية.