النفوذ مقابل التسليح.. محاولات لإعادة بناء العلاقات السورية مع روسيا

في تشرين الأول/ أكتوبر الجاري زار وفد رفيع من وزارة الدفاع السورية برئاسة رئيس هيئة الأركان العامة اللواء علي النعسان، العاصمة الروسية موسكو، وأجرى لقاءات مع مسؤولين روس، بالإضافة إلى زيارة معرض للأسلحة، مما أكد أن مسار إعادة بناء العلاقات بين الجانبين الذي بدأ بزيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى موسكو آواخر تموز/ يوليو الماضي جاد واستراتيجي.

تسليح الجيش السوري

 مصادر دبلوماسية مقربة من أوساط الحكومة السورية أن الأخيرة لديها توجه لترميم الجيش بشكل أولي، في ظل عدم وضوح المستقبل بخصوص مصير العقوبات المفروضة على مؤسستي الأمن والجيش، والتي تعيق إجراء صفقات سلاح مع الجهات الغربية.

وفقاً للمصدر، لدى الحكومة السورية مؤشرات على أن جماعة الضغط المساندة لإسرائيل في الولايات المتحدة تعمل على عرقلة إزالة العقوبات عن الجيش السوري لقطع الطريق على بناء جيش يحدث توازن مع إسرائيل، ولذا اتجهت دمشق باتجاه روسيا من أجل الحصول على قطع غيار للمدرعات والدبابات الموجودة لدى الجيش السوري، بالإضافة إلى الرغبة بإعادة تشغيل بعض الطائرات روسية الصنع، وتوفير الذخائر لها.

وأفاد المصدر بوجود قناعة لدى الحكومة السورية أن قسد لن تلتزم بالاتفاق الموقع معها في 10 آذار/ مارس عام 2025، وهذا قد يدفع باتجاه مواجهة عسكرية لا تشارك فيها تركيا بشكل مباشر بسبب الاعتبارات السياسية المتعلقة بالداخل التركي، أو رغبة بعدم إعطاء شرعية للمزيد من التدخل الإسرائيلي بالشأن السوري، وهذا يعني أن الجيش السوري يجب أن يمتلك المزيد من الأدوات العسكرية التي يعزز فيها موقفه الميداني.

الحفاظ على وحدة الأراضي السورية

تسعى سوريا لاستثمار الموقف الروسي المتمسك بوحدة الأراضي السورية، حيث ترفض روسيا منح الشرعية الدولية لتقسيم دول الشرق، لأنها تعتقد بإمكانية تعميم الأمر لاحقاً على دول أخرى مكونة من أديان وأعراق مختلفة، وروسيا واحدة منها.

وبحسب ما يدور في الأروقة السورية، فإن دمشق لا تريد أن تشعر روسيا بتجاهل الحكومة السورية لمصالحها، مما قد يدفعها لتعزيز العلاقات مع قسد، خاصة وأن روسيا تمتلك قاعدة عسكرية في القامشلي بمحافظة الحسكة.

 

ومنذ سقوط نظام الأسد في 8 من آب عام 2024، عززت روسيا من قواتها في قاعدة القامشلي، فقد نقلت جزءاً من القوات المتمركزة في قاعدة حميميم إليها، وبنت المزيد من التحصينات فيها، مما يعني أن موسكو حافظت على حضورها في ملف شرقي الفرات أو شمال شرقي سوريا، ويمكن لها أن تمارس ضغوطاً ميدانية على قسد حال حصلت تفاهمات بينها وبين دمشق.

روسيا تبحث عن النفوذ في سوريا

أفادت مصادر دبلوماسية تعمل مع وزارة الخارجية الروسية في الملف السوري، موقع تلفزيون سوريا، أن موسكو لا تزال راغبة بالحفاظ على نفوذها في سوريا لاعتبارات كثيرة، أبرزها الإبقاء على منصة مهمة للتواصل مع تركيا والدول العربية وفي مقدمتها السعودية وقطر والأردن، نظراً لما تشكله سوريا من أهمية لهذه الدول.

أيضاً، لدى روسيا اعتقاد أن وجودها في سوريا يتيح لها ممارسة الضغوطات على إسرائيل عند الحاجة لدفعها باتجاه النشاط الدبلوماسي للتأثير على الغرب والولايات المتحدة بما يحقق المصالح الروسية. وفق المصدر.

المصدر أكد أن اللقاءات التي تتم بين سوريا وروسيا حالياً هي محاولة استكشاف إمكانية تعزيز العلاقات، فالجانب الروسي غير متأكد من مدى جدية دمشق بالعمل على تعزيز العلاقات، وما إذا كانت تستخدمه فقط للمناورة من أجل استفزاز الجانب الأميركي لدفعه باتجاه رفع العقوبات والضغط على إسرائيل لوقف تدخلها بالشأن السوري، وتعزيز العلاقات مع واشنطن.

وتطمح موسكو للحفاظ على قاعدتين في سوريا على الأقل، الأولى في القامشلي، حيث يتيح هذا الموقع لروسيا عدة أهداف استراتيجية، الأول الإبقاء على تأثيرها في المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا مما يعني إبقاء قنوات الاتصال فعالة مع دمشق وأنقرة معا، كما أن موسكو تضمن الحفاظ على التنافس مع الولايات المتحدة التي تملك قواعد عديدة شمال شرقي سوريا.

القاعدة الثانية التي تريد روسيا إبقاءها هي قاعدة طرطوس البحرية، التي توفر لروسيا تقديم الدعم اللوجستي لأسطولها الموجود في شبه جزيرة القرم، وتمهد للتمدد باتجاه البحر الأحمر الذي يعتبر من أهم معابر الطاقة باتجاه السوق الدولية.

وترجح المصادر موافقة روسيا على تسليح محدود لسوريا، إذا حال تم التوصل إلى تفاهمات حقيقية تضمن مصالح موسكو، بل ربما يطمح الكرملين لأبعد من هذا، وهو العمل على المشاركة في هيكلة الجيش السوري مستقبلاً ليكون أكثر ارتباطاً بروسيا فيما لو حسمت دمشق أمرها بترسيخ علاقات استراتيجية مع موسكو.

نقلاً عن تلفزيون سوريا

Read Previous

المحافظات السورية والعدالة المنشودة

Most Popular