سيريا مونيتور..
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرًا أعدّته الصحفيتان إيزابيل كولز وجاريد مالسين، كشفت فيه عن وثائق سرية تُركت على عجل من قبل أجهزة المخابرات السورية، تظهر كيف واجه النظام صعوبة في فهم التقدّم السريع لقوات المعارضة ومحاولة الحدّ منه.
وذكر التقرير أنه بعد أيام من دخول قوات المعارضة إلى مدينة استراتيجية شمالي البلاد، تلقى مكتب الاستخبارات العسكرية في دمشق تقريرًا من خمس صفحات يعبّر عن القلق المتزايد. وجاء في التقرير أن “قوات النخبة التي أُرسلت لتعزيز دفاعات حلب أُجبرت على التراجع، بينما انسحب الجيش بطريقة فوضوية، تاركًا وراءه الأسلحة والمركبات العسكرية”.
وأضاف التقرير أن مقاتلي هيئة تحرير الشام كانوا في ذلك الوقت يستعدون للسيطرة على مدينة ثانية، فيما كانت التقارير تتدفّق إلى المقر الرئيسي للاستخبارات في دمشق، المعروف باسم الفرع 215، وهو جزء مخيف من جهاز الأمن السوري. وأوضحت هذه التقارير سرعة تقدّم المعارضة، في وقت كانت الأوامر الصادرة عن النظام تعكس حالة من الذعر المتزايد.
وأشارت الصحيفة إلى أن آلاف الوثائق الاستخباراتية المسربة تعكس الانهيار السريع لنظام حكم سوريا الذي استمر لعقود. وعلى الرغم من أن التصريحات الرسمية للحكومة قلّلت من شأن تقدّم المعارضة، فإن المراسلات الداخلية أظهرت قلقًا متزايدًا لدى قوات النظام، ما دفع ضباط الفرع 215 إلى مغادرة مواقعهم، تاركين وراءهم كميات كبيرة من الملابس العسكرية والأسلحة والتقارير السرية.
ووفقًا للتقرير، فإن مكاتب الفرع 215 كانت تحوي صورًا لبشار الأسد، لكن العديد منها تعرّض للتمزيق، فيما وصف المحلل السياسي ننار حواش ما جرى بأنه “انهيار مفاجئ للنظام الأمني الذي شكّل العمود الفقري لحكم الأسد”. وأضاف أن النظام كان يعتقد أنه انتصر في الحرب، لكنه فوجئ بهجوم خاطف من المعارضة التي استغلت انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا وتراجع نفوذ إيران وحزب الله.
وفي 28 تشرين الثاني/نوفمبر، أرسل النظام تعميمًا إلى جميع فروعه الأمنية برفع الجاهزية القتالية إلى 100% وتعليق الإجازات، لكن بعد يومين كانت المعارضة قد دخلت مدينة حلب.
ويكشف التقرير أن طائرة نقل عسكرية وصلت من دمشق إلى حلب في محاولة يائسة لدعم القوات المنهارة، لكن الجنود فرّوا تحت وطأة ضربات الطائرات المسيّرة. وفي تقرير آخر، كتب ضابط استخبارات أن “الجهود لحشد الجيش باءت بالفشل، إذ ترك الجنود أسلحتهم وفرّوا من مواقعهم”، مضيفًا أن “غياب الدعم الجوي والمدفعي زاد من حالة الذعر”.
وتشير الوثائق إلى أن المعارضة سيطرت على حماة وحمص في 30 تشرين الثاني/نوفمبر، وقطعت الطرق المؤدية إلى الساحل السوري، وصولًا إلى دمشق، التي سقطت بالكامل في 8 كانون الأول/ديسمبر.
وبحسب التقرير، فقد رصدت الاستخبارات السورية تحركات مشبوهة داخل العاصمة، حيث أبلغ ضباط عن “نشاط غير اعتيادي” في حي الشعلان الراقي، إلى جانب تحركات مشبوهة لماسحي الأحذية في الساحات العامة. وأوصت المراسلات الأمنية حينها بمراقبة كاميرات المحال التجارية لرصد أي تحركات غير طبيعية.
وفي محاولة أخيرة للدفاع عن دمشق، أصدر الأسد أوامر لوحدات عسكرية بالانسحاب من جبهات القتال الأخرى والتوجه نحو العاصمة، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل. وبحلول ليلة 7 كانون الأول/ديسمبر، كانت المعارضة على أبواب سجن صيدنايا، حيث أُطلق سراح المعتقلين السياسيين، في وقت كان الأسد قد غادر البلاد بالفعل.
وتنتهي الوثائق الاستخباراتية المهرّبة بتوقيع استخدمه الضباط في مراسلاتهم الأخيرة، وهو عبارة عن عبارة تقليدية اعتادوا ختم رسائلهم بها: “للاطلاع والقيام باللازم”.