كتب الباحث السياسي رامي الخليفة العلي، أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة باريس، مقالا في صحيفة “عكاظ” السعودية، معتبرا فيه أن “الجهود العربية تجاه حل الأزمة السورية تعثرت”.
وذكر “العلي” في مقاله أن “الرؤية العربية التي قادتها المملكة العربية السعودية تقوم على أساس أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه لا يخدم أي طرف من الأطراف، وبالتالي يجب إنهاء معاناة الشعب السوري، وإيجاد حل سلمي للأزمة، ومن هنا جرى استعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية، ومشاركة بشار الأسد في اجتماعات القمة”.
وأوضح أن المملكة العربية السعودية قادت وبجهد كبير من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، دبلوماسية نشطة لصياغة رؤية عربية وتكرّس ذلك في اجتماع جدة واجتماع عمان، وأفرز ذلك استراتيجية الخطوة خطوة، والتي تقوم على بناء حل يفصل معضلات الأزمة بعضها عن بعض، وتقديم رؤى مباشرة لحلها.
وبين أنه بعد كل خطوة يجب أن تقدم حكومة النظام السوري على إجراءات تؤدي إلى حل لهذه المعضلة، أو على الأقل خطة من أجل حلها، وحتى لا يبقى الكلام عمومياً، فإن هناك ملفات أساسية في الأزمة السورية، فأساس الحل كما عبر عن ذلك وزير الخارجية الأردني السيد أيمن الصفدي ومن قلب العاصمة السورية دمشق، هو قرار مجلس الأمن رقم 2254.
ولفت الكاتب إلى أن القرار الأممي هو بذاته مسألة جوهرية، لأن الدول العربية تدرك جيداً أنها لا تعمل في الفراغ، وبالتالي لا بد أن يكون هناك إطار يسمح بتكوين رؤية للحل تكون مقبولة من المجتمع الدولي.
وأكد “العلي” أن حكومة النظام لم تبدِ موافقتها على أفق الحل المقترح عربياً بشكل صريح وواضح، مما دفع المجتمع الدولي إلى حالة من الشك بإمكانية نجاح الدول العربية، بإقناع القيادة السورية بهذا الإطار الجامع.
وأضاف أن المسألة الأخرى المتعلقة باستعادة السيادة السورية على أراضيها، مسألة معقدة بسبب حالة التقسيم الموجودة، بحكم الأمر الواقع ووجود جيوش ومليشيات أجنبية، معتبرا أنه كان يفترض بحكومة النظام السوري أن توحد البندقية في مناطق سيطرتها، أو على الأقل وضع خطة قابلة للتنفيذ وهذا ما لم يتم حتى الآن.
ونوه “العلي” إلى أن مسألة المليشيات مسألة مثيرة للقلق، بالنسبة لدول الجوار، وهي تجر المنطقة برمتها إلى الفوضى، وبالتالي الامر ليس سوريا صرفا.
وأوضح أن هناك مسألة أخرى وتحظى بأهمية وعناية فائقة من قبل الدول العربية كافة، وخصوصاً دول الخليج والأردن، وهي تهريب المخدرات، وحتى الآن لم تقم حكومة النظام السوري بالكثير في هذا الصدد، وشحنات المخدرات المتجهة إلى الدول العربية تزداد.
ولفت إلى أنه يمكن أن يضاف إلى كل ذلك الجمود الذي يعتري مسائل بناء الثقة، والتي تهيئ الأجواء لحل الأزمة عبر الإفراج عن المعتقلين وعودة النازحين في المرحلة الأولى ثم اللاجئين في مرحلة لاحقة إلى ديارهم، ووضع خطط واستراتيجيات لذلك.
وخلاصة الكلام وفقاً لما كتبه العلي أن “المملكة العربية السعودية كما الدول العربية التي رسمت أفقاً لحل الأزمة السورية، بذلت جهوداً جبارة وعملت على إقناع المجتمع الدولي بضرورة هذا الحل، وفوائده من الناحية السياسية والأمنية والإنسانية، ولكن إذا لم تساعد نفسك فلا أحد يستطيع مساعدتك، وربما الحالة السورية تتطلب من “الحكومة السورية” مقاربة مختلفة تسمح بالخروج من عنق الزجاجة”.
وتبنى وزراء الخارجية العرب رسميا -في اجتماعهم بالقاهرة يوم 7 أيار الجاري- قرارا ينص على عودة النظام لشغل مقعد سوريا الجامعة، واستئناف مشاركة وفود حكومة النظام السوري في اجتماعاتها، بعد غياب 11 عاما بسبب تعليق الجامعة العربية عضويتها على خلفية تعامل النظام الوحشي والقمعي مع المظاهرات التي خرجت ضده.