ويحاكم أفراد “عصابة المواليد” على ضوء تحقيقات بدأت منذ أيار الفائت، باتهامات تتعلق بالاستهتار بصحة الأطفال حديثي الولادة من أجل تقاسم قسط التأمين اليومي البالغ 8 آلاف ليرة تركية. حيث تقرر أن أفراد العصابة أبقوا الأطفال داخل حاضنات العناية المركزة بتقارير كاذبة وأدوية غير ضرورية، بينما كان يمكنهم الخروج من المستشفى بصحة جيدة.
ويُحال الأطفال إلى المستشفيات الخاصة التي أبرمت معها شبكة العصابة اتفاقيات. وبدون وجود دعم تنفسي ولا طبابة أو دواء؛ تم إبقاء الأطفال على قيد الحياة طيلة الفترة التي كانت تقررها العصابة.
وأشار موقع (Hürriyet) إلى أن هذه الممارسات لم تخلُ من عواقب مأساوية، إذ كشفت التحقيقات عن وفاة ما لا يقل عن 12 طفلًا نتيجة لإبقائهم فترات غير ضرورية في وحدات العناية المركزة، والتي تُعد بيئة معرضة للعدوى. كما يعاني العديد من الناجين من مضاعفات صحية خطيرة سببت لهم عاهات مستديمة.
وعلى خلفية اكتشاف العملية والقبض على أفراد العصابة، تم إغلاق 10 مستشفيات خاصة، 9 في إسطنبول وواحدة في ولاية تكيرداغ، وهي: مستشفى “أفجيلار” الخاص، مستشفى “تي آر جي” الخاص، مستشفى “بيرينجي” الخاص، مستشفى “غوني” الخاص، مستشفى “باغجلار ميدي لايف” الخاص، مستشفى “بيليك دوزو ميدي لايف” الخاص، مستشفى “رياب إسطنبول” الخاص، مستشفى “شفق” الخاص في باغجلار، مستشفى “سيليفري كولان” الخاص، وجرى إلغاء تراخيص مستشفى “كورلو رياب”.
ومن بين الذين سيمثلون أمام القاضي أيضاً، نحو 112 موظفاً في مراكز الاتصال.
وروت إحدى الأمهات، في تصريح لصحيفة (Milliyet) اليومية، تجربتها المأساوية، إذ فقدت مولودتها بعد ثلاثة أيام من بقائها في وحدة العناية المركزة. قالت الأم: “أخبرني الطبيب في البداية أن وحدة العناية مخصصة للأطفال الذين يبلغون شهراً من العمر. إذا بقي طفلي هنا، فسيموت. حاولنا العثور على مستشفى آخر لكننا فشلنا”.
وأضافت: “بعد ذلك، أوصى الطبيب المسؤول عن وحدة العناية المركزة بمستشفى آخر، موضحًا أن تكلفة الليلة الواحدة تبلغ 7,000 ليرة تركية، وأن ابنتنا بحاجة إلى أسبوعين من العلاج. لم يكن لدينا خيار سوى الموافقة”.
وأشارت لائحة الاتهام أيضاً إلى أن العصابة كانت تعمل في عدة مستشفيات بإشراف عدد محدود من الأطباء، في حين كانت تُقدَّم الرعاية الصحية عبر الممرضات والمساعدات. وفي بعض الحالات، قدمت الممرضات أنفسهن على أنهن طبيبات للعائلات، مما أدى إلى اتخاذ قرارات طبية غير سليمة، كانت لها عواقب وخيمة على صحة الأطفال.
وكشفت التحقيقات أن أفراد العصابة كانوا على علم بأن بعض الأطفال كانوا على وشك الموت، واتخذوا خطوات لعدم تحميلهم المسؤولية. ووردت في لائحة الاتهام تفاصيل لمحادثات هاتفية تم اعتراضها من قبل السلطات، أظهرت أن أفراد العصابة كانوا يتحدثون عن حالات قريبة من الموت، ويتخذون تدابير لتجنب المحاسبة على تلك الوفيات.
وطالبت النيابة العامة في “بيوك جكمجة” بإسطنبول بأقصى العقوبات بحق المتهمين، فقد طالبت بسجن زعيم العصابة، الطبيب فرات ساري، لمدة تصل إلى 582 عاماً، بجانب اثنين من الشخصيات الرئيسية الأخرى. كما يواجه 18 شخصاً آخر، بينهم أطباء وممرضات وعاملون في القطاع الصحي، أحكاماً بالسجن تتراوح بين 10 و437 عاماً بتهم “القتل العمد بالإهمال”.
وأظهرت التحقيقات أن العصابة هددت المدعي العام المكلف بالقضية بالقتل، حتى أنها عرضت مبلغ 100,000 دولار على أحد المشتبه بهم لتنفيذ عملية اغتيال للمدعي العام.