تجدد مأساة النازحين في غزة مع حلول الشتاء

بين أمواج البحر الهائجة ومياه الأمطار الغزيرة التي تساقطت على قطاع غزة، تتجدد مأساة النازحين الذين هربوا من نيران الحرب ليجدوا أنفسهم محاصرين بأزمات أخرى لا تنتهي، ترافقت مع تحذيرات أممية من تبعاتها.

فالليلة الماضية، اجتاحت مياه البحر خيام النازحين المقامة على شاطئ مواصي خان يونس جنوب القطاع، وغمرت مياه الأمطار الخيام في مختلف المناطق الشمالية والوسطى والجنوبية، ما فاقم أوضاع النازحين الصعبة والقاسية.

هذه المأساة الجديدة القديمة، أغرقت ممتلكات النازحين البسيطة وضاعفت معاناتهم، في ظل حرب إسرائيلية مستمرة لا ترحم.

وعلى شاطئ البحر حيث لجأ النازحون هربًا من أهوال الإبادة الإسرائيلية المستمرة، حدثت الكارثة باجتياح مياه البحر العاتية الخيام المهترئة التي لا تكاد تحمي ساكنيها من قسوة الطقس، لتُغرق ما تبقى من ممتلكاتهم البسيطة وتزيد معاناتهم أضعافا.

الأطفال يبكون تحت وطأة البرد القارس، بينما يصارع الكبار لإخراج المياه التي غمرت الخيام. بأيديهم الخاوية وأدواتهم البدائية، يحاولون دفع المياه التي اجتاحت أركان حياتهم البسيطة، وكأن الحرب وحدها لم تكن كافية لإغراقهم في المعاناة.

وفي الظلام الدامس وأجواء البرد القارس، خرجت العائلات النازحة من خيامها المهترئة محاولة مواجهة الكارثة، وبدأت سباقاً يائسًا مع الوقت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

مشاهد العائلات وهي تفرغ المياه من خيامها بأدوات بدائية أو حتى بأيديها العارية، تلخص معاناة النازحين التي يصعب وصفها.

بدوره، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، الاثنين، أن نحو 10 آلاف خيمة تؤوي نازحين تعرضت للتلف وجرفتها أمواج البحر خلال اليومين الماضيين جراء منخفض جوي.

وقال المكتب الإعلامي في بيان: “على مدار اليومين الماضيين تلفت قرابة 10 آلاف خيمة، حيث جرفتها مياه البحر بعد امتداد الأمواج بسبب دخول المنخفض الجوي”.

وجدد إطلاق “نداء استغاثة إنساني عاجل للمجتمع الدولي ولجميع دول العالم ولكل المنظمات الدولية والأممية، لإنقاذ مئات آلاف النازحين بقطاع غزة قبل فوات الأوان”.

وأوضح أن الجيش الإسرائيلي منع إدخال 250 ألف خيمة وكرفان (منازل متنقلة) إلى القطاع في ظل واقع إنساني خطير.

وفي خيمة قريبة، أطفال يصرخون من شدة البرد، ونساء يحاولن تهدئة الصغار، بينما الكبار يبذلون جهودًا مضنية لإخراج الأغطية المبللة والملابس الغارقة من خيامهم.

وتحت أضواء باهتة تنبعث من الهواتف المحمولة، تلتف العائلات حول بعضها البعض في مشهد يعكس مرارة النزوح وقساوة المعاناة. فهنا طفل يرتجف بين ذراعي أمه، وهناك شيخ يحاول إصلاح خيمته التي تمزقت بفعل الأمواج والرياح.

وفي وسط القطاع، غمرت مياه الأمطار خيام النازحين، التي بالكاد تقيهم من الرياح العاتية، وتحولت الأراضي الزراعية التي لجأوا إليها إلى مستنقعات موحلة، تزيد من صعوبة التحرك والحفاظ على ما تبقى لديهم.

من جانبها، حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، من المعاناة الإضافية التي تحملها معها أمطار الشتاء لأهالي القطاع.

وقالت الأونروا في منشور على منصة “إكس”: “في غزة، تحمل الأمطار الأولى من فصل الشتاء معها المزيد من المعاناة”، مبينة أن “حوالي نصف مليون شخص يعيشون في مناطق معرّضة للفيضانات يواجهون خطرا إضافيا”.

وأكدت على أنه “مع كل قطرة مطر، وكل قذيفة، وكل قصف، يزداد الوضع سوءًا”، مجددة المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار.

ومع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، تتضاعف معاناة هؤلاء النازحين، الذين أصبحوا عالقين بين نار الحرب وكوارث الشتاء، فثلاثية البرد والجوع والحرب تُثقل كاهلهم.

وحذرت بلديات قطاع غزة منذ أسابيع، من هذا المشهد المأساوي، إلا أن الحرب  المستمرة والحصار المطبق وانعدام الموارد جعلت من المستحيل تدارك الأزمة.

Read Previous

بعد إعلان الإمارات اعتقال قتلة الحاخام الإسرائيلي..يثير غضب سعودياً واسعاً

Read Next

“أنقرة”: تناقضات في سياسات ترمب..وغموض كبير بشأن خططه المستقبل

Most Popular