تحديات الحكم في سوريا: أحمد الشرع بين الأزمات الاقتصادية والعقوبات الغربية

سيريا مونيتور..

ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن الرئيس السوري أحمد الشرع يواجه تحديات كبيرة منذ تسلمه السلطة، إذ تحتاج حكومته إلى اتخاذ إجراءات سريعة لضمان الاستقرار وتجنب أزمة سياسية جديدة. غير أن الوضع الاقتصادي المتردي، وافتقار خزينة الدولة للسيولة المالية، يشكلان عقبة كبيرة أمام أي انتعاش اقتصادي، خاصة في ظل استمرار العقوبات الغربية التي تعيق تدفق المساعدات الخارجية.

دمار شامل وانقطاع للطاقة

بعد أكثر من عقد من الحرب، تعاني سوريا من انهيار غير مسبوق في الخدمات العامة. ووفق الصحيفة، فإن الوضع أصبح في بعض المناطق أسوأ مما كان عليه قبل سقوط نظام الأسد. ومن التحديات الملحّة التي تواجهها الحكومة الجديدة، أزمة الطاقة التي تفاقمت بعد أن أوقفت إيران إمدادات النفط، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مساحات واسعة من دمشق عند حلول المساء.

يرى الخبراء أن أمام الرئيس الشرع تحدياً صعباً يتمثل في ضرورة تسريع إنتاج الطاقة لتهدئة الشارع القلق، إلا أن هذا الهدف يتطلب موارد مالية غير متاحة حالياً. ومع أن تحقيق أي انتعاش اقتصادي مرهون بالمساعدات الخارجية، إلا أن العقوبات الغربية لا تزال تحول دون ذلك، حيث يطالب كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بضمانات لإشراك الأقليات واحترام المعايير الديمقراطية قبل رفع القيود المفروضة على سوريا.

الارتياح الشعبي وسط استمرار الأزمات

رغم المصاعب الاقتصادية، فإن الشعور بالارتياح في دمشق لا يزال واضحاً، خاصة بعد إزالة صور الأسد من الأماكن العامة وإخلاء السجون، ما سمح للعائلات بالبحث العلني عن ذويها المفقودين. إلا أن التحديات المعيشية تبقى الهاجس الأكبر، إذ تعاني غالبية السكان من الفقر المدقع، وفقاً للصحيفة.

انهيار اقتصادي حاد

يشير تقرير البنك الدولي إلى أن الاقتصاد السوري تقلص بنسبة 85% خلال الحرب، مع تجاوز نسبة الفقر 80% بين السكان. كان سعر صرف الليرة السورية قبل الحرب عند 47 ليرة مقابل الدولار، لكنه انهار ليصل إلى 14,000 ليرة قبيل سقوط النظام. وقد أدّى ذلك إلى تدهور كبير في القدرة الشرائية، حيث لا يتجاوز راتب الطبيب اليوم 25 دولاراً شهرياً.

في محاولة لاحتواء الأزمة، أعلن وزير المالية محمد أبازيد عن زيادة تصل إلى 400% في رواتب بعض موظفي القطاع العام، إلا أن تنفيذ القرار لا يزال غير واضح. في المقابل، ساهمت بعض الإصلاحات، مثل السماح بتداول العملات الأجنبية وتوحيد الرسوم الجمركية، في تحسن تدفق الدولار إلى السوق، مما خفّض أسعار بعض السلع الأساسية.

تحولات اقتصادية بارزة

في عهد الأسد، كان امتلاك الدولار الأميركي بمثابة تهمة بالخيانة، وكان العثور على أوراق نقدية أجنبية دليلاً على “التورط في مؤامرات خارجية”. أما اليوم، فقد تغيّر المشهد كلياً، حيث يعمل صرّافو الأموال علناً، بينما تشهد محلات الصرافة والمكاتب الجديدة منافسة قوية لجذب العملاء الباحثين عن التحويلات المالية.

واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الرئيس الشرع هي معالجة القطاع العام المتضخم، والذي يعاني من الفساد وسوء الإدارة منذ سنوات. كشفت مراجعة حكومية أولية أن حوالي 300 ألف موظف يتقاضون رواتب دون أداء أي مهام فعلية. وقد بدأت الحكومة باتخاذ خطوات لتقليص أعداد العاملين غير الضروريين، إلا أن ذلك قوبل باحتجاجات، حيث تجمّعت مجموعات صغيرة من الموظفين المفصولين أمام مقرات عملهم السابقة مطالبين بإيضاحات.

حتى اللحظة، لم تعلن الحكومة المؤقتة عن رؤية سياسية شاملة لإدارة البلاد، مما يترك المواطنين في حالة من الترقب والقلق. وفي ظل غياب استراتيجية واضحة، يبقى التركيز منصبّاً على التحديات الاقتصادية، وسط تساؤلات متزايدة حول الاتجاه الذي سيتبعه الشرع في إدارة شؤون الدولة.

Read Previous

تعيين “إبراهيم العلبي” مستشاراً قانونياً خاصاً بوزارة الخارجية السورية

Read Next

أردوغان: سوريا ستستعيد استقرارها قريباً ومحاسبة مرتكبي المجازر قادمة

Most Popular