سيريا مونيتور -دمشق
يواجه ملف تحديد هوية ضحايا المقابر الجماعية في سوريا صعوبات كبيرة، وفقاً لتقرير لشبكة “بي بي سي”، بسبب نقص الإمكانات الفنية والقيود المفروضة على المواد الأساسية لتحليل الحمض النووي (DNA)، الذي يُعد المعيار الذهبي في تحديد الهوية. وأوضح الدكتور أنس الحوراني، رئيس مركز تحديد الهوية في دمشق، أن سوريا تضم حالياً مختبراً وحيداً لتحليل الحمض النووي بعد تدمير معظم المختبرات خلال سنوات الحرب.
وأضاف الحوراني أن العقوبات الغربية تعرقل بشكل كبير عمل هذا المختبر، نظراً لأن المواد الكيميائية الضرورية لتحليل العينات تُصنّف على أنها “مزدوجة الاستخدام”، ويمكن أن تُستخدم في الصناعات العسكرية، ما يحظر تصديرها إلى سوريا. وأشار إلى أن تكلفة التحليل مرتفعة جداً، حيث يصل سعر الفحص الواحد إلى 250 دولاراً، بينما قد يتطلب تحليل جثة واحدة نحو 20 فحصاً، مما يجعل التعرف على الضحايا عملية مكلفة وبطيئة.
العدالة الانتقالية في مواجهة تحديات الواقع
ورغم أن السلطات الجديدة تؤكد أن العدالة الانتقالية من أولوياتها، يقول الحوراني إن هذا العمل “يستغرق سنوات”، لافتاً إلى أن المختبر يعتمد بالكامل على تمويل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ما يعكس ضعف الدعم الداخلي.
شهادات من الظلام
في السياق ذاته، نقلت “بي بي سي” عن “أبو علي”، وهو سائق سابق في جيش النظام المخلوع، قوله إنه نقل جثث مئات المدنيين إلى مقابر جماعية قرب العاصمة دمشق، وتحديداً في منطقة “تل قاحل”، حيث تم رصد 11 مقبرة جماعية. وأكد أن معظم الجثث كانت مشوهة وتحمل آثار تعذيب، مشيراً إلى أن العديد منها خرج من “الفرع 215″، أحد أكثر مراكز الاعتقال شهرةً بانتهاكاته.
من جانبها، تروي ملك عودة، لاجئة سورية عادت إلى دمشق بحثاً عن أبنائها المفقودين منذ عام 2012، أنها لم تتمكن من العثور على أي أثر لهما رغم كل المحاولات. وأوضحت أن ابنها محمد اختفى بعد رفضه الخدمة العسكرية، بينما فقدت الاتصال بابنها ماهر بعد خطفه من المدرسة.
تقدّر منظمات حقوقية أن أكثر من 130 ألف شخص اختفوا قسرياً خلال 13 عاماً من النزاع في سوريا، بينما لا يزال آلاف العائلات ينتظرون معرفة مصير أحبائهم في مواجهة طبقات متراكمة من المأساة.