دفعت مجموعة من الحالات المأساوية لأطفالٍ ماتوا أثناء مواعيد أطباء الأسنان لإلقاء نظرة فاحصة على استخدام أطباء الأسنان المتزايد للتخدير للأطفال الذين يخضعون لعمليات روتينية مثل حشو تجويف الأسنان وحشو الأعصاب وخلع الأسنان.
في مينيسوتا، دفع طبيب أسنان في توين سيتيز تسويةً بقيمة مليوني دولار لعائلة مراهقة ماتت أثناء خلعها ضروس العقل بعد تخديرها.
وفي ولاية كاليفورنيا، دفعت وفاة صبي في الرابعة من عمره في أوكلاند أثناء التخدير خلال عملية في الفم، جمعية طب الأسنان في الولاية إلى صياغة إرشادات جديدة لأطباء الأسنان الذين يستخدمون التخدير مع الأطفال.
وفي هاواي، اتُّهم طبيب أسنان في أواهو بالقتل الخطأ بعد أن أصيبت طفلة في الثالثة بنوبة قلبية أثناء حشو العصب بعد التخدير. تمت تبرئة الطبيب لاحقاً، لكن دفعت القضية المشرعين إلى تمرير “قانون فينلي” الذي سُمّي على اسم المريضة، مع إرشادات تخدير جديدة للعناية بأسنان الأطفال.
رغم نُدرة هذه الحالات، أصدرت الأكاديمية الأمريكية لطب أسنان الأطفال مؤخراً إرشادات جديدة لأطباء الأسنان الذين يستخدمون التخدير الكلي لتهدئة الأطفال لإجراء العمليات.
تدعو الإرشادات التي صدرت بالتعاون بين الأكاديميتين الأمريكيتين لطب أسنان الأطفال وطب الأطفال، إلى وجود أطباء تخدير معتمدين ومتخصصين مدربين على الاستجابة للطوارئ في عيادات أطباء الأسنان عند وضع الأطفال تحت التخدير.
ما مدى أمان التخدير للأطفال؟
تسوس الأسنان هو أكثر الأمراض التي تصيب الأطفال شيوعاً، إذ يصيب 621 مليون طفل حول العالم لا تعالج تجاويف أسنانهم. وبدون العلاج، يمكن أن تسبب التجاويف الألم والالتهابات التي قد تؤدي إلى مشاكل في الأكل والتحدث واللعب والتعلم، وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض.
أثناء عملية علاج التسوس، غالباً ما يُعطي أطباء الأسنان الأطفال تخديراً متوسطاً أو كلياً. وتشمل الأدوية الشائعة البنزوديازيبين والمواد الأفيونية والتخدير الموضعي وأكسيد النيتروز، وجميعها يمكن أن تسبب أعراضاً جانبية ضارة، مثل الحساسية ونقص تأكسج الدم (انخفاض مستويات الأكسجين في الدم)، وصعوبة التنفس وانسداد مجرى الهواء، وربما الموت.
يجرى ما يقدر بـ100 ألف إلى 250 ألف عملية تخدير لأسنان الأطفال سنوياً في الولايات المتحدة، وفقاً لما نُشر في مجلة Pediatrics في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017.
يعكس هذا الانتشار الواسع الحيرة بشأن الاستخدام الواسع لتخدير الأطفال. كما أن عدد الأطفال الذين يموتون بعد تلقي التخدير الكلي في كرسي الأسنان غير معروف، لأن أطباء الأسنان غير مطالبين بالإبلاغ عن هذه الحالات.
نشرت دراسة في مجلة Pediatric Anesthesia عام 2013 أنه كان هناك 44 حالة وفاة مرتبطة بتخدير الأسنان في المرضى تحت سن 21 عاماً، بين عامي 1980 و2011. لكن الدراسة استندت فقط إلى تقارير وسائل الإعلام، بسبب “الافتقار لجمع البيانات المنهجية حول نتائج طب أسنان الأطفال… رغم الزيادة في عدد مسكنات أسنان الأطفال التي تم إعطاؤها خلال العقدين الماضيين”.
ومصدر القلق الآخر هو احتمالية عدم فهم الآباء لنوع التخدير الذي سيشمله إجراء معين. يتم إخبار الكثير من المرضى بأنه “تخدير واع” أو مجرد “تهدئة” دون فهم وتقدير أن الأطفال الصغار غالباً ما يحتاجون إلى مستويات عميقة من التهدئة أو التخدير الكلي للاستلقاء والتعاون مع ما يمكن أن يكون تجربة مخيفة للغاية.
وفيات الأسنان “نادرة جداً”
إن الوفيات والمضاعفات “نادرة جداً” بالنسبة لعدد الأطفال الذين يتلقون التخدير العام. تُجرى آلاف وآلاف عمليات التخدير العام للأطفال كل عام، وتنتهي بشكل جيد. ويتم بعضها في المستشفيات، ويتم البعض الآخر في عيادات الأسنان أو عيادات جراحة الفم… وبشكل عام، فهو إجراء آمن.
بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تشمل الوفيات أطفالاً يعانون من حالات مرضية قد تعرضهم لخطر الإصابة بفشل في الجهاز التنفسي أو القلب.
لذلك من المهم معرفة أطباء الأسنان بالتاريخ الطبي للمريض. وغالباً ما يستشير طبيب أطفال أو طبيب قلب أو أخصائياً آخر قبل أن يقرر طريقة المضي قدماً مع مريضٍ يعاني من حالة مزمنة.
كما أن الأطفال والبالغين المصابين بالتوحد الشديد هم مرشحون شائعون للخضوع لتطبيب الأسنان تحت التخدير العام. فبالنسبة للأطفال المصابين بالتوحد الشديد، غالباً ما تكون رعاية نظافة الأسنان بانتظام مطلوبةً للوقاية من التسوس الشديد وتتطلب تخديراً عاماً.
قد يكون ذلك أيضاً خياراً جيداً للأطفال الذين يحتاجون إلى عمل أسنان معقد أو الصغار جداً ولن يجلسوا ساكنين على كرسي الطبيب.
كما هناك الكثير من العوامل التي يجب مراعاتها لما يجب إجراؤه تحت التخدير العام وما يجب إجراؤه تحت التخدير الموضعي وحده أو باستخدام أكسيد النيتروز أو التخدير الفموي أو أي وسيلة أخرى. وتتوقف الحاجة إلى التخدير العام إلى عوامل أخرى غير الإجراء نفسه فقط كالعمر ومستوى التعاون ونمو الطفل وتوقعات القائمين على رعايته ودرجة التدخل الجراحي وما إلى ذلك.
أسئلة ينبغي للوالدين طرحها
كيف يجب أن يستجيب الآباء إذا أوصى طبيب الأسنان بالتخدير العام للطفل؟
بادئ ذي بدء، يجب على الآباء التحقق من تطبيق إرشادات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، من وجود طبيب تخدير معتمد وأخصائي طبي ثانٍ مدرب للاستجابة لحالات الطوارئ، الممرضة مثلاً، جنباً إلى جنب مع طبيب الأسنان وأي طاقم مساعد آخر.
وإذا لم يكونوا راضين، يمكنهم التحدث إلى طبيب الأطفال حول الخيارات البديلة. هناك العديد من المستشفيات والمراكز الجراحية والعيادات والأطباء الذين سيقدمون التخدير، والتخدير مع طبيب تخدير معتمد أو غيره من الموظفين المؤهلين.
يقترح الخبراء أيضاً طرح الأسئلة التالية:
• هل التخدير العام ضروري حقاً في هذه الحالة؟
• ما الإجراء الذي ستتبعه، وهل يلزمك فعله؟
• ما الأدوية التي ستستخدمها لتخدير طفلي؟
• هل سيكون هناك مزود منفصل معتمد للتخدير العام في الغرفة؟
• كيف سيُراقب طفلي من قبل أخصائي طبي ثانٍ أثناء الإجراء تحسباً لحدوث خطب ما؟
• ما مقدار التدريب والخبرة اللتين حصل عليهما الأخصائي الثاني في رعاية مَن هم في سن طفلي؟