سيريا مونيتور:
في تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، ذكرت الصحفية أليسا روبين من معبر فيش خابور الحدودي بين العراق وسوريا، أن العاصمة السورية دمشق شهدت فترة من الهدوء السياسي والاجتماعي في الوقت الذي تواصل فيه المعارك العنيفة في شمال شرق البلاد. ففي دمشق، استضاف الزعيم الجديد للبلاد مؤتمراً للوحدة الوطنية، حيث رحب بكبار الشخصيات الأجنبية وسط أجواء من الانفتاح النسبى، في حين تجمعت الحشود في المقاهي وتحدثت بحرية لأول مرة منذ عقود.
لكن، وعلى بعد 400 ميل فقط في شمال شرق سوريا، وهي منطقة خارجة عن سيطرة الحكومة السورية، لا يزال القتال مستمراً وبشدة. في هذه المنطقة، تتصاعد المعارك بين مليشيات متناحرة، حيث تقاتل قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة ضد ميليشيات عربية سورية تدعمها تركيا. ويستمر القصف المدفعي والغارات الجوية في المنطقة، مما دفع الآلاف من المدنيين إلى الفرار من منازلهم، فيما تحلق الطائرات المسيرة في السماء ليلاً ونهاراً.
القتال في هذه المنطقة تركز بشكل خاص منذ الإطاحة ببشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر، وتجد البلاد نفسها أمام تحديات كبيرة. القتال الحالي يهدد وحدة البلاد ويزيد من صعوبة توحيد مختلف الفصائل المسلحة. في الوقت نفسه، يبرز الدور الهام الذي يلعبه الرئيس المؤقت أحمد الشرع، الذي يسعى إلى تعزيز سلطته والتحكم في العديد من المجموعات المسلحة ذات الطابع الديني والعرقي، وكذلك تنظيم الدولة الذي بدأ يكتسب قوة مجددًا في بعض مناطق سوريا.
تواجه الدول المجاورة أيضًا خطرًا من امتداد هذا الصراع عبر حدودها، بينما يظل مصير الأكراد في سوريا قيد التأثير، خاصة وأنهم يشكلون أقلية عرقية كبيرة في البلاد بحوالي 10% من السكان. الأكراد، الذين تمكنوا من إقامة منطقة شبه مستقلة في شمال شرق سوريا، يواجهون اليوم مصيرًا غير واضح وسط تزايد التوترات.
أحد العوامل الرئيسة في المعركة في الشمال الشرقي هو الصراع مع تركيا، التي تعتبر الفصائل الكردية تهديدًا داخليًا، بالإضافة إلى مخاوفها من إنشاء دولة كردية مستقلة. ومن ثم، فإن هذا الصراع يتجاوز سوريا ليشمل تطلعات القوى الإقليمية، التي تخشى أن يؤثر عدم الاستقرار في المنطقة على أمنها.