توتر متصاعد بين بغداد وواشنطن: رسائل تهديد واجتماع طارئ للإطار التنسيقي

سيريا مونيتور،دمشق

تشهد العلاقات بين العراق والولايات المتحدة توترًا متزايدًا، عقب الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، برئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، حيث دفع مضمون المكالمة “الإطار التنسيقي” الحاكم في العراق إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة ما اعتبره تهديدًا مباشرًا للنظام السياسي في البلاد.

خلال الاتصال، حثّ روبيو رئيس الوزراء العراقي على تقليص النفوذ الإيراني في البلاد، واصفًا إياه بـ”الخبيث”، كما شدد على ضرورة ضمان استقلال العراق في قطاع الطاقة، لا سيما في ظل اعتماد بغداد على استيراد الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء.

بالتزامن مع ذلك، استمر السيناتور الجمهوري الأمريكي جو ويلسون في نشر تغريدات تدعو إدارة ترامب إلى “تحرير العراق من الهيمنة الإيرانية”، مطالبًا بوقف التمويل الأمريكي للعراق ما دام تحت النفوذ الإيراني.

أكد القيادي في “الإطار التنسيقي”، عدي الخدران، أن اجتماعًا طارئًا سيتم عقده لمناقشة “الضغوط والتهديدات” الأمريكية، معتبرًا تصريحات روبيو تدخلًا مباشرًا في الشؤون الداخلية العراقية.

بدوره، أوضح النائب عن “الإطار التنسيقي”، مختار الموسوي، أن الاجتماع تأخر بسبب شهر رمضان، لكنه قد يُعقد قريبًا. كما أشار إلى أن الضغط الأمريكي على العراق قد يؤدي إلى وقف إمدادات الغاز الإيراني خلال أيام، مما سيتسبب في أزمة كهرباء خانقة، خصوصًا مع مطالبة طهران بغداد بسداد ديون بمليارات الدولارات.

وأضاف الموسوي أن العراق يجب أن يتصدى للضغوط الأمريكية، مشيرًا إلى أن “السياسيين العراقيين منذ 2003 انشغلوا بالفساد والسرقات، مما جعل أزمة الكهرباء مستمرة حتى اليوم”.

عودة الكاظمي إلى بغداد: دور سياسي أم وساطة أمريكية؟

في ظل هذا التصعيد، انتشرت تكهنات حول أسباب عودة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي إلى بغداد بعد غياب دام ثلاث سنوات. ونفى الموسوي أن تكون عودته بناءً على دعوة من قادة “الإطار التنسيقي” بهدف التوسط لدى الولايات المتحدة، مؤكدًا أن الكاظمي يسعى للعودة إلى المشهد السياسي استعدادًا للانتخابات المقبلة بدعم من دول إقليمية.

من جهتها، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن سياسيين عراقيين أن العراق فقد القدرة على التواصل المباشر مع دوائر القرار الأمريكية، ما دفع بعض الجهات إلى اعتبار الكاظمي الشخص المناسب لإعادة قنوات الاتصال مع واشنطن وإنقاذ حكومة السوداني.

عقوبات أمريكية مرتقبة: استهداف شخصيات سياسية ومؤسسات مالية

يرى غازي فيصل السكوتي، مدير “المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية”، أن العراق قد يواجه عقوبات اقتصادية أمريكية بسبب تعامله مع إيران، مشيرًا إلى أن هناك العديد من المصارف الوهمية وشبكات تهريب النفط والدولار إلى طهران، فضلًا عن النفوذ الواسع للحرس الثوري الإيراني داخل البلاد.

وأشار السكوتي إلى أن خمس قواعد عسكرية تابعة للحرس الثوري والفصائل المسلحة موجودة في العراق، وتعمل على تصنيع الطائرات المسيرة وصواريخ الكاتيوشا، مما يعزز النفوذ الإيراني ويشكل انتهاكًا للعقوبات الأمريكية المفروضة على طهران.

وأضاف أن واشنطن تستعد لفرض عقوبات على شخصيات سياسية بارزة داخل “الإطار التنسيقي” ممن لديهم ارتباطات بفصائل مسلحة، كما ستستهدف مصارف عراقية متورطة في تهريب الأموال إلى إيران.

بالتزامن مع هذه التطورات، وقعت مشادة في مطار النجف الدولي بين قوة أمنية أمريكية وأخرى عراقية، بعد منع الأخيرة للوفد الأمريكي من دخول المطار والتصوير داخله، في حادثة غير مسبوقة تشير إلى تصاعد التوتر بين بغداد وواشنطن.

مع تزايد الضغوط الأمريكية والتهديد بفرض عقوبات جديدة، تبدو الحكومة العراقية في موقف صعب بين واشنطن وطهران. فبينما يسعى “الإطار التنسيقي” إلى التصدي للضغوط الأمريكية، تزداد المخاوف من انعكاسات ذلك على الاقتصاد العراقي، خصوصًا في قطاع الطاقة. ويبقى السؤال: هل ستنجح بغداد في التوصل إلى توازن يحافظ على علاقاتها مع واشنطن دون إثارة غضب طهران؟

Read Previous

مستقبل القواعد الروسية في سوريا بعد رحيل الأسد: إعادة تفاوض .. أم تثبيت للوجود؟

Read Next

تصعيد إسرائيلي في القنيطرة ودرعا وسط تحركات عسكرية متسارعة

Most Popular