“حادثة مؤسفة” لشاب ضرير سقط بنهر بردى في دمشق..

شهدت دمشق يوم أمس الإثنين حادثة مؤسفة تمثلت في سقوط الشاب الكفيف إبراهيم حولاني في مجرى نهر بردى، ما أثار تفاعلا واسعا بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة بعد كتابة الشاب منشورا على فيس بوك وصف فيها لحظة سقوطه في مجرى النهر، والذي أعاد عشرات المستخدمين نشره على حساباتهم.

وقعت الحادثة بالقرب من المتحف الوطني في دمشق، بمحاذاة “جسر الرئيس”، حيث سقط الشاب في مجرى نهر بردى نتيجة تهالك السور المعدني المحيط بالنهر.

وتداول شهود عيان صورا للحادثة على مواقع التواصل الاجتماعي، مما أثار جدلا واسعا حول وضع البنى التحتية وسلامة المرافق العامة في المدينة.

وفي تبرير للحادثة، قال مدير الصيانة في “محافظة دمشق”، عامر خليل، إن الشاب سقط من فتحة في سور النهر تعرضت لكسر في حادث سابق، مدعيا أن أعمال الإصلاح جارية وسيتم الانتهاء منها في غضون يوم واحد.

من جانبه، روى الشاب الكفيف تفاصيل اللحظات العصيبة التي عاشها خلال سقوطه في نهر بردى، قائلًا: “أشهد أن لا إله إلا الله… يا رب صبر قلب أمي. هذا كان آخر ما قلته وأنا أغرق في النهر”.

وأوضح في منشور على فيس بوك أنه كان يسير قرب المتحف الوطني عند نزلة “جسر الرئيس”، عندما سقط في النهر نتيجة غياب السور المعدني الذي من المفترض أن يحمي المشاة.

وأضاف الشاب: “لا أعلم كم من الوقت مضى حتى أنقذني الشباب في مفرزة المتحف الوطني. وتابع: “ألا يعنيكم أن من حق شريحة المكفوفين الحصول على الحد الأدنى من الأمان؟ لا نطلب الحد الأقصى، فهو حلم بعيد المنال في بلادنا، بل نطالب بالحد الأدنى فقط. لماذا لا يوجد سور في هذا المكان؟ أوجه هذا السؤال إلى محافظة دمشق”.

وأشار إلى خسارته لهاتفه المحمول، الذي يعتمد عليه بشكل كبير في دراسته. وقال: “الحمد لله الذي أنجاني.. صحيح أنني خسرت هاتفي الذي أعتمد عليه في دراستي، ولا أعلم إن كانت الصيانة ستعيده للعمل. لكنني لا أحزن على الهاتف.. ما يحزنني هو أن سلامة آلاف المكفوفين لا تبدو من أولويات الجهات المعنية، رغم أن من حقهم السير في طرق آمنة”.

ويروي الشاب الكفيف إبراهيم حولاني المولود في حمص عام 1988، مشيرا إلى أن حياته أخذت منحى مأساويا منذ الطفولة. في الثالثة من عمره، فقد عينه اليمنى بسبب ضربة سكّين، وبعدها بثلاث سنوات تسبب خطأ طبي في فقدانه العين الأخرى.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي السنة التي تلتها، تعرض إبراهيم لخطأ طبي آخر أصاب عصب السمع، ما أدخله في عزلة كاملة عن العالم، حيث عاش في ظلام وصمت لمدة عشر سنوات.

ويقول إبراهيم إنه لم يحمل الكراهية لمن تسببوا في فقدانه حواسه، ويضيف في منشور على فيس بوك: “لم أكن حاقدا، وعندما وعيت على الدنيا سامحتهم من كل قلبي”.

وفي عام 2005، تمكّن إبراهيم من استخدام سماعات طبية أعادت إليه جزئيا حاسة السمع. هذه اللحظة كانت نقطة تحول كبيرة في حياته على حد تعبير، حيث بدأ يفكر في العودة إلى الدراسة، رغم أن عمره كان عشرين عاما ولم يكن قد أنهى حتى المرحلة الابتدائية.

وبسبب عمره، لم تقبله أي مدرسة، بما في ذلك المدارس المخصصة للمكفوفين. لكن إبراهيم لم يستسلم، وعندما نصحه أحد الموظفين في دائرة امتحانات حمص بالتوجه إلى المركز الثقافي لتقديم امتحان يعادل الابتدائية، وجد فيها فرصة لبدء مسيرته التعليمية من جديد.

في عام 2009، نجح في الامتحان، وحصل على شهادة مكنته من التقدم إلى امتحانات التعليم الأساسي في عام 2010. ورغم قلة الموارد وصعوبة الحصول على المناهج المناسبة للمكفوفين، تمكن إبراهيم من النجاح بمجموع 222 درجة، بمساعدة أستاذة سجّلت المنهاج بصوتها.

وفي عام 2011، نجح إبراهيم في امتحانات الثانوية العامة، مما أهّله لدخول كلية الحقوق بجامعة البعث، محققا بذلك حلمه الذي طالما سعى إليه.

وبعد عام 2011 غادر حمص إلى دمشق، ما تسبب في انقطاعه عن الدراسة لمدة عامين. وعاد إبراهيم في عام 2015 ليكمل دراسته في السنة الثانية، قبل أن ينتقل إلى كلية الحقوق بجامعة دمشق، حتى تخرج عام 2019.

ولم يتوقف إبراهيم عند شهادة البكالوريوس، ففي عام 2019، قُبل في برنامج ماجستير إدارة العلاقات الدولية والدبلوماسية بكلية الحقوق في جامعة دمشق، ليتخرج في 8 ديسمبر/كانون الأول 2021.

Read Previous

“الفصائل الفلسطينية في سورية”قرار تقليص نشاطها لم يكن مفاجئاً بل كان متوقعاً

Read Next

مقتل رئيس بلدية كفرنان شمالي حمص بتفجير استهدف سيارته

Most Popular