سيريا مونيتور – نادر دبو
أحدث إعلان الرئيس الأميركي عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا حالة من الارتياح بين سكان الجنوب السوري في مناطق درعا والقنيطرة، رغم أن هذا الارتياح جاء مشوبًا بالحذر. ورغم أن الخبر قوبل بترحيب واسع باعتباره خطوة إيجابية بعد سنوات طويلة من الحصار الاقتصادي، إلا أن التأثير المباشر على الحياة اليومية لم يظهر بوضوح، مما جعل العديد من المواطنين يتساءلون عن مصير الوعود التي صاحبت هذا القرار في ظل غياب أي تحسن ملموس في الأسعار.
تزامن هذا الإعلان مع انخفاض حاد في سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، حيث تراجع من حوالي 12 ألف ليرة إلى نحو 8 آلاف ليرة، ما أعاد إلى أذهان الكثيرين ذكريات بداية الأزمة، عندما كانت التقلبات في سعر الصرف لا تُترجم بالضرورة إلى تغييرات حقيقية في الأسواق أو في أسعار المواد الأساسية.
الرقابة على الأسعار، ضرورة ملحة
في حديثه لموقع سيريا مونيتور، قال شادي عمارين، أحد سكان المنطقة: “الناس في الجنوب يرون أن رفع العقوبات يمكن أن يكون بداية لتحسن الوضع، لكنهم يعرفون أن التأثير لن يكون فوريًا إلا إذا رافقته إجراءات فعلية على مستوى السوق”. وأضاف: “الرقابة على الأسعار هي العنصر الأهم، فلا يكفي فقط انخفاض الدولار إذا كانت الأسعار لا تزال مرتفعة في الأسواق”.
أما أنور حمدان، تاجر أعلاف في ريف القنيطرة، فاعتبر أن رفع العقوبات لن يكون له أي تأثير كبير إذا استمر احتكار السوق بيد قلة قليلة من التجار. وقال بحديثه لمراسل سيريا مونيتور : حتى عندما ينخفض الدولار، يواصل التجار بيع المواد بأسعار مرتفعة بحجة أن البضائع تم شراؤها بأسعار أعلى”. وأكد أن هذا الوضع يزيد من معاناة مربي المواشي الذين يجدون أنفسهم غير قادرين على الاستمرار بسبب ارتفاع التكاليف.
التفاؤل المشروط والتغيير الملموس
من جانبها قالت المعلمة نسرين الحمد من مدينة طفس بريف درعا لمراسل سيريا مونيتور : إن أي تحسن في سعر الصرف يجب أن يُترجم بشكل مباشر إلى انخفاض في أسعار المواد الأساسية، فإذا حدث ذلك، سيتحسن الوضع بلا شك للموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة السورية”. وتابعت: “لكن إذا بقيت الأسعار على حالها، فإن الوضع سيظل كما هو، وهذا ما نخشاه”.
في بلدة جبا بريف القنيطرة كانت الأجواء أكثر تفاؤلًا يشير بلال النادر، أحد سكان البلدة، إلى أن رفع العقوبات أدى إلى تحسن طفيف في الأسعار، ما خلق أجواء من الفرح بين الناس. وقال النادر: “الناس بدأوا يشعرون بتغير إيجابي بعد إعلان رفع العقوبات، حيث بدأت المحلات التجارية بتقديم عروض وخصومات، وهو ما أدى إلى انخفاض الأسعار بشكل طفيف. هذا التنافس بين المحلات أسهم في جعل الأسعار تتباين من محل لآخر، وهو ما أعطى شعورًا بإيجابية التغيير”.
القلق الأمني وتأثيره على الاقتصاد
على الرغم من التفاؤل العام، لا يزال الوضع الأمني في بعض المناطق يشكل تحديًا أمام حدوث أي تغييرات اقتصادية ملموسة. حيث أشار البعض إلى أن الوضع الأمني المتأزم في بعض المناطق يعرقل وصول البضائع إلى الأسواق، ما يمنع انخفاض الأسعار رغم التحسن في سعر الصرف.
هل سيصل تحسن الوضع إلى المواطن؟
في ظل التفاؤل الحذر الذي يسيطر على الجنوب السوري، يبقى السؤال الأبرز: “هل ستصل نتائج رفع العقوبات إلى المواطن؟”. ورغم أن هناك إشارات إيجابية في الأسواق، يترقب المواطنون في المنطقة تحسنًا حقيقيًا في أسعار الخبز، الوقود، والكهرباء، وهي أمور تمس حياتهم بشكل يومي.
ويبقى السؤال الأكبر الذي يتردد على ألسنة سكان الجنوب السوري: “هل سيؤدي رفع العقوبات إلى تحسين حقيقي في الوضع المعيشي، أم ستظل هذه التغييرات مجرد وعود حبيسة التصريحات الرسمية؟”.