تستضيف العاصمة البوسنية سراييفو، على مدار يومين، مؤتمراً لـ”المجلس العربي” تحت عنوان “العهد الديمقراطي العربي”، بحضور نخبة من المفكرين والسياسيين والناشطين والصحفيين العرب.
يهدف المؤتمر، الذي حضره تلفزيون سوريا، إلى “رسم ملامح مستقبل أكثر ديمقراطية في المنطقة العربية”، حيث تم تبادل الآراء والأفكار حول سبل تحقيق التحول الديمقراطي الحقيقي والمستدام، عبر وضع خارطة طريق واضحة لـ “ميثاق ديمقراطي عربي” لدعم التحوّل الديمقراطي، مع التركيز على تعزيز حقوق الإنسان وحكم القانون.
وأكّد المشاركون على أهمية هذا الحدث في ظل التحديات الجسيمة التي تواجه الديمقراطية، مثل انتشار الأنظمة الاستبدادية والانقلابات العسكرية والتدخلات الخارجية وازدواجية معايير العالم الغربي، الذي يدّعي تطبيق مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، مّما أدّى إلى انهيار ثقة الشعوب في القوانين والأنظمة، كما طالبوا بضرورة توحيد الجهود العربية والدولية لدعم قوى التغيير السلمي.
وفي كلمة له، شدّد للرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، على أهمية استخلاص العبر من تجربة الربيع العربي، وتجنّب الأخطاء التي أدّت إلى فشل بعض الثورات، داعياً إلى بناء أنظمة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان والحريات العامة.
من جانبها، دعت توكّل كرمان، الحائزة على جائزة “نوبل للسلام” ونائبة رئيس “المجلس العربي”، إلى توحيد جهود أحرار العالم وإصلاح المؤسسات الدولية.
وشدّدت “كرمان” على أهمية دعم القضية الفلسطينية ومقاومة الاستبداد والظلم، محذّرة من استغلال بعض الميليشيات للقضية الفلسطينية في سبيل تحقيق أهداف ضيقة وغطاء لأفعال تخدم مصالحهم وتعتم على جرائمهم.
كذلك ناقش المشاركون في اليوم الأول من المؤتمر، مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك التحديات التي تواجه الديمقراطية في العالم العربي، في ظل التسلّط الداخلي والعدوان الخارجي، والعوامل التي تعيق الانتقال الديمقراطي.
خصّص مؤتمر “العهد الديمقراطي العربي” جزءاً كبيراً من نقاشاته للقضية الفلسطينية، مؤكداً على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، ودعا المشاركون فيه، المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
وتناول المؤتمر مسألة دور الديمقراطية في إيجاد حل للقضية الفلسطينية، وكيفية استخدام الآليات القانونية الدولية لمحاسبة إسرائيل.
في هذا السياق، قدّم المحامي السوري المعتصم الكيلاني -المختص بالقانون الجنائي الدولي ومدير برنامج التقاضي الاستراتيجي بالمجلس العربي- ورشة عمل حول تعزيز الأدوات القانونية لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، وذلك من خلال وضع استراتيجية عمل بين شبكة الديمقراطيين العرب والشبكة العربية لمكافحة الإفلات من العقاب لدعم القضية الفلسطينية قانونياً، وملاحقة قادة إسرائيل عن تلك الانتهاكات باستخدام طرق التقاضي الدولية.
وشارك الكيلاني خبراته الواسعة في مجال توثيق جرائم الحرب، ونقل تجربته بملاحقة مرتكبي الجرائم في سوريا إلى المشاركين، وناقش آليات توثيق الانتهاكات وآليات التقاضي الاستراتيجي وكيفية بناء قضايا قانونية قوية، في سبيل تعزيز الجهود القانونية الدولية لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الدولي الإنساني.
يستمر المؤتمر على مدار يومي (أمس السبت واليوم الأحد)، حيث سيتم تنظيم ورش عمل متخصصة في مجالات مختلفة، مثل الفكر السياسي، والاقتصاد الاجتماعي، والقانون، والشباب.
ويمثل مؤتمر “العهد الديمقراطي العربي” -وفق القائمين عليه- خطوة مهمة نحو بناء مستقبل أكثر ديمقراطية في المنطقة العربية، وقد فتح آفاقاً جديدة للتعاون والتنسيق بين الناشطين والسياسيين والمفكرين العرب، مما يسهم في تعزيز الحراك الديمقراطي في المنطقة.
يشار إلى أنّ “المجلس العربي” تأسّس تحت القانون السويسري في جنيف، بتاريخ 28 شباط 2022، برئاسة محمد المنصف المرزوقي وعضوية النائبين: توكّل كرمان وأيمن نور، ويعدّ المجلس تواصلاً وتطوراً لتجربة منظمة “المجلس العربي للدفاع عن الثورات الديموقراطية”،” التي تأسّست في تونس.