الولايات المتحدة
يرى الكاتب أن أبرز هذه الاغتيالات الجوية بلا شك مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، و زعيم الميليشيات العراقية أبو مهدي المهندس في 3 يناير/ كانون الثاني، في غارة استهدفت بطائرة أمريكية بدون طيار سيارتهما خارج مطار بغداد الدولي، حيث كان سليماني ثاني أقوى رجل في إيران وكان له تأثير وقوة كبيرة في الشرق الأوسط وعلى السياسة الخارجية الإيرانية بشكل عام. لذلك كان اغتياله ذا أهمية بالغة.
وأشار أراش عزيزي في كتابه السيرة الذاتية لسليماني: يعتبر سليماني أهم مسؤول اغتالته الولايات المتحدة منذ عام 1943 عندما أسقط الأمريكيون الطائرة التي كانت تقل المارشال الأدميرال إيسوروكو ياماموتو من البحرية الإمبراطورية اليابانية.
وبغض النظر عن استمرار حملته الجوية ضد داعش في شرق سوريا والعراق، اغتال الجيش الأمريكي مسلحين كبار مرتبطين بالقاعدة في محافظة إدلب شمال غرب سوريا باستخدام نسخة غريبة من صاروخ جو-أرض هيلفاير AGM-114R9X. بدلاً من الرأس الحربي المتفجر القياسي، يقضي R9X على هدفه باستخدام ست شفرات منبثقة تقطعها عند الاصطدام.
ويمكّن الجمع بين وزن الصاروخ وسرعته من اختراق المركبات أو حتى المباني وسحق الهدف البشري أو تقطيعه بداخله. كما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين عسكريين أمريكيين قولهم: “بالنسبة للشخص المستهدف، يبدو الأمر كما لو أن سنداناً مسرعاً سقط من السماء”.
لقبت هذه الصوارخ بقنبلة النينجا
يقول الجيش الأمريكي إن افتقار الصواريخ إلى أي رأس حربي متفجر يقلل بشكل ملحوظ من احتمالية قتل أو إصابة المدنيين عن طريق الخطأ بالقرب من هدفها. تم تطوير هذا الإصدار من Hellfire خلال إدارة أوباما، على الأرجح رداً على الانتقادات بشأن الخسائر المدنية الناجمة عن ضربات الطائرات بدون طيار خلال تلك الفترة.
ومع ذلك، فإن استخدام R9Xs لا يلغي تماماً خطر إلحاق الأذى بالمدنيين دون قصد. في غارة R9X استهدفت اثنين من مسؤولي القاعدة المفترضين في إدلب في أكتوبر/ تشرين الأول، ورد أن المارة أصيبوا بجروح، ربما بسبب الحطام المتطاير والشظايا من تأثير الصاروخ.
ومع ذلك، فإن هذه النسخة الفريدة من Hellfire تقلل بلا شك من خطر إلحاق الأذى بالمدنيين بشكل كبير.
ويُعتقد أن الصاروخ شهد ظهوره القتالي لأول مرة في عام 2017 في اغتيال أبو خير المصري، العضو البارز في تنظيم القاعدة في إدلب. في يونيو/ حزيران، حيث أظهر مقطع فيديو استهداف مركبة تقل أردنياً ويمنياً من حراس الدين الموالي للقاعدة بثلاثة صواريخ، R9X كما أظهر الفيديو عن قرب لأول مرة بقايا تلك الصواريخ.
إسرائيل
وأشار الكاتب إلى أنه منذ السنوات الأولى للصراع في سوريا، نفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية بهدف عرقلة محاولات إيران تعزيز وجود عسكري هائل على عتبة حدودها الشمالية، وكذلك منعت طهران من نقل أسلحة متطورة إلى وكيلها حزب الله.
في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني، قيل إن غارة بطائرة بدون طيار قتلت قائداً في الحرس الثوري الإيراني أثناء سفره بالسيارة من العراق إلى سوريا. ونقلت رويترز عن مسؤولين أمنيين عراقيين قولهم إن قائداً مجهولاً في الحرس الثوري الإيراني مع ثلاثة آخرين كانوا يسافرون معه قتلوا في الضربة. وزعمت وسائل الإعلام العربية أنه قائد الحرس الثوري الإيراني مسلم شهدان.
ونفت إيران هذه الأنباء التي جاءت بعد أيام فقط من اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده بالقرب من طهران.
ونفذت طائرات مجهولة في يونيو هجوماً بالقرب من بلدة البوكمال على الحدود السورية العراقية بعد ساعات فقط من زيارة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاني خليفة سليماني للمنطقة. حيث يُعتقد أن إسرائيل استهدفت قوات الحرس الثوري الإيراني وحلفاءها من الميليشيات الشيعية العراقية في البوكمال التي تستخدمها تلك القوات كقناة لنقل المقاتلين والأسلحة من العراق إلى سوريا بضربات جوية وطائرات بدون طيار في مناسبات عديدة، إذ وقعت الضربات الأخيرة المنسوبة إلى إسرائيل في تلك المنطقة في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني وقتلت عدة عناصر من الميليشيات المدعومة من إيران.
كما قتلت إسرائيل أعضاء بارزين من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في سوريا في الماضي. ففي كانون الثاني / يناير 2015، تم استهداف قافلة من السيارات كانت تسير بالقرب من مدينة القنيطرة الحدودية السورية على طول مرتفعات الجولان، على الأرجح من قبل طائرات إسرائيلية بدون طيار. حيث قتلت الغارة الجنرال في الحرس الثوري محمد اللهدادي والعضو البارز في حزب الله جهاد مغنية.
واعتقد الإسرائيليون في البداية أنهم كانوا يستهدفون مقاتلي حزب الله العاديين “ذوي المستوى المنخفض” الذين اشتبهوا في أنهم كانوا يستعدون لشن هجوم ضدهم على حدود الجولان. وبالتالي فوجئوا عندما اكتشفوا أن هذين الشخصين رفيعي المستوى، وخاصة اللهدادي، كانا قريبين جداً من الحدود الإسرائيلية السورية.
من المرجح أن تستمر إسرائيل في استهداف أعضاء الحرس الثوري الإيراني وميليشياتهم في سوريا إذا استمرت إيران في مضاعفة احتفاظها بوجودها العسكري في سوريا، حيث تعتبر إسرائيل وجود هذه القوات خطًا أحمر غير مقبول وترغب في بذل جهود كبيرة لفرضه.
تركيا
أكد الكاتب أن تركيا أثبتت مؤخرا أنها حققت القدرة على تنفيذ اغتيالات من الجو. حيث فعلت ذلك في آب/ أغسطس 2018 عندما قتلت زكي شنجلي، المعروف أيضاً باسم إسماعيل أوزدن، وهو عضو بارز في حزب العمال الكردستاني (PKK) في غارة جوية في العراق.
وفي حادثة الاغتيال تلك، قصفت طائرات مقاتلة تابعة للقوات الجوية التركية من طراز F-16 وطائرات بدون طيار مسلحة تركية قافلة شينغالي التي تتكون من شاحنتين صغيرتين ودمرتها باستخدام ذخائر دقيقة موجهة بالليزر.
ومنذ ذلك الحين، واصلت تركيا اغتيال أعضاء آخرين رفيعي المستوى في حزب العمال الكردستاني من الجو. إن طائراتها المسلحة المتطورة محلياً بشكل متزايد قادرة على الطيران لفترات طويلة، وهو أمر مفيد للاستطلاع ولتدمير أهدافها بصواريخ دقيقة.
يمكن القول إن هذا يشكل قدرة على تغيير قواعد اللعبة بالنسبة لتركيا في صراعها الدائم مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني المراوغين، وخاصة عندما يتعلق الأمر باستهداف ملاذات تلك المجموعة في جبال كردستان العراق.
كما تعمل تركيا على تطوير أسلحة وذخائر أكثر قدرة، تُعرف باسم الطائرات بدون طيار “الانتحارية” أو “كاميكازي”، والتي يمكن أن تعمل بشكل مستقل بالإضافة إلى تشكيل أسراب قاتلة. ستكون هذه الطائرات بدون طيار، حسب الشركة المصنعة، مزودة بتقنية التعرف على الوجه، مما يعني أنها ستكون قادرة على البحث عن الأفراد بشكل مستقل واغتيالهم عن طريق استهدافهم برؤوس حربية متفجرة صغيرة.
ويخلص الكاتب إلى أن هذه القدرات التكنولوجية المتقدمة تعيد تشكيل طبيعة هذا الصراع المستمر منذ عقود، ومن المرجح أن تؤدي إلى المزيد من الاغتيالات الجوية في هذه المنطقة المضطربة في المستقبل القريب.