ترجمة سيريا مونيتور
تبادلت أذربيجان وأرمينيا الاتهامات بجلب مقاتلين سوريين إلى إقليم “قره باغ” للمشاركة في الاشتباكات الدائرة بين البلدين منذ عشرة أيام.
تقف تركيا إلى جانب أذربيجان في حربها مع أرمينيا لسببين، الأول كون الأذريون ينتمون إلى نفس العرق التركي، وأيضًا بسبب العداء الطويل الأمد بين الأتراك والأرمن على خلفية الصراع بين العثمانيين والأرمن في بداية القرن العشرين والاتهامات ضد العثمانيين بارتكاب إبادة جماعية ضد الأرمن، وفقاً لموقع المونيتور.
من جانبها تدعم روسيا أرمينيا بسبب وجود اللوبي الأرمني في روسيا والتحالف التقليدي بين الأرمن والروس أثناء تأسيس الاتحاد السوفيتي. في غضون ذلك تحتفظ روسيا بقواعد عسكرية في أرمينيا.
في 28 سبتمبر قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأذربيجانية أنار إيوازوف في بيان صحفي إنه تم العثور على مرتزقة سوريين من أصول أرمنية بين جثث القوات الأرمينية في جبهة قره باغ.
وفي نفس اليوم نقلت وكالة أنباء “إنترفاكس” الروسية عن سفير أرمينيا في روسيا فاردان توجانيان قوله: إن تركيا نقلت حوالي 4000 مقاتل من شمال سوريا إلى أذربيجان.
ونفى الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في 2 أكتوبر مشاركة أي مقاتلين سوريين في المعارك على جبهة أرتساخ، وقال علييف: إن الأخبار التي أوردتها أرمينيا بشأن جلب مقاتلين سوريين إلى أذربيجان كاذبة.
من جانبه دعا وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أرمينيا في 28 سبتمبر إلى الوقف الفوري لهجماتها وسحب المرتزقة الذين تم إحضارهم من الخارج، فيما قالت وزارة الدفاع الأذربيجانية: إن “المرتزقة السوريين يقاتلون في صفوف الجيش الأرميني خلال الحرب المستمرة والاشتباكات على جبهة أرتساخ”.
في هذا السياق تحدث “المونيتور” عبر الهاتف مع سوريين انضموا إلى القتال في أذربيجان، حيث قال خالد صالح (اسم مستعار) 25 عامًا من ريف حلب الشمالي: “أعمل مع الفيلق الأول في الجيش السوري الحر، أجبرني الوضع المعيشي في شمال سوريا والبطالة على الذهاب إلى ليبيا من قبل، والآن قررت الذهاب إلى أذربيجان مقابل 1500 دولار، لم أفكر أبدًا في أنني سأقاتل أي شخص آخر غير النظام السوري، وكنت أحاربه مجانًا. لكن كان علي القتال في ليبيا من أجل تأمين دخل عائلتي لأننا فقراء وليس لدينا شيء سوى ما توفره لنا بعض المنظمات الإنسانية في شمال سوريا”.
وأضاف صالح: “بالانضمام إلى القتال ضد أرمينيا عبر تركيا سأحقق هدفين: الأول هو الحصول على دخل مالي في ظل الفقر الذي نعيش فيه، والثاني هو الوقوف إلى جانب تركيا التي وقفت إلى جانبنا في حرب النظام السوري علينا”.
جاسم حميش (اسم مستعار) 35 عامًا وهو قيادي في الجيش السوري الحر من مدينة بزاعة شمال شرق حلب قال لـ”المونيتور”: “لقد قاتلت النظام السوري منذ بداية الثورة، ثم قاتلت تنظيم الدولة الإسلامية. والآن نحارب إلى جانب تركيا في ليبيا وأذربيجان، نحن مدينون لتركيا التي دافعت عن ثورة الشعب السوري ضد النظام السوري، حيث فتحت حدودها أمام السوريين الفارين من قصف النظام بينما لم تفعل دول عربية أخرى. تركيا تحمينا الآن من اضطهاد النظام السوري وروسيا، والقتال ضد أرمينيا هو في النهاية قتال مع تركيا ضد روسيا، العدو الرئيسي للشعب السوري”.
بلال حمدان (اسم مستعار) 24 عامًا يعيش في مخيم للنازحين بريف إدلب الشمالي على الحدود التركية السورية، قال لـ “المونيتور”: “لم أقاتل أبدًا خلال الثورة السورية، رغم أنني ضد النظام. ابن عمي جندي في فرقة السلطان مراد (التابعة للجيش السوري الحر المدعوم من تركيا) وطلب مني مقابلته في عفرين من أجل تسجيل اسمي للانضمام إلى القتال في أذربيجان. ففعلت والتقيت بالقائد المسؤول الذي أخبرنا أن الراتب سيتراوح بين 1500 و 2000 دولار، وسنعمل كحراس في منشآت النفط فقط. ومع ذلك عندما وصلنا إلى تركيا، تم نقلنا جواً إلى أذربيجان إلى منطقة سمعت فيها أصوات القصف، ثم اتضح لي أننا كنا في منطقة حرب بدلاً من منشأة نفطية. وافقت على القتال بسبب الراتب المغري، أنا المعيل الوحيد في عائلتي المكونة من ثمانية أفراد، والدي متوفى وليس لدينا من يعيلنا”.
في هذا السياق قال أحمد حسن صحفي سوري مقيم في تركيا: “نعم ذهب بعض السوريين (إلى أذربيجان) لكنهم كانوا بضع مئات فقط. ضللهم بعض قادة الفصائل وادعوا أنهم كانوا يمرون بعقود رسمية، لكن الأمر لم يكن كذلك. وبدلا من ذلك فقد مروا عبر شركات أمنية تركية لها مشاريع في أذربيجان مع شركات الغاز والنفط والمقاولات. هؤلاء السوريون غادروا لأسباب مالية فقط وبهدف العمل في شركات أمنية. عندما سجلوا لأول مرة، لم تكن هناك عمليات عسكرية تجري هناك (في أرتساخ)”.
وأضاف: “المرسلون رسمياً من تركيا هم سوريون يحملون الجنسية التركية وينتمون للجيش السوري الحر. في غضون ذلك فإن هؤلاء (السوريين) الذين تم إرسالهم بشكل غير رسمي هم أعضاء في مجموعات تسعى للعودة إلى الدولة التركية، ومعظمهم من التركمان ليس لديهم غطاء رسمي ولا يتم إعطاؤهم أي وثائق سفر، وهذا هو سبب استخدامهم لوسائل غير قانونية من خلال شركات الأمن”.
وأشار حسن إلى أن “مشاركة (مقاتلين سوريين) لا تؤثر على الملف السوري، حيث تشارك الولايات المتحدة وتركيا وروسيا بشكل كبير من خلال القوات العسكرية التي تسمح لهم بالعمل بشكل فردي، فيما بقيت الأطراف السورية على الهامش. روسيا تتبنى نفس الإجراءات (عندما يتعلق الأمر بتجنيد مقاتلين سوريين في أذربيجان) من خلال شركات أمنية. القضية في اذربيجان ليست مرتبطة بسوريا. كل منطقة لها طبيعتها الخاصة وتحالفاتها وتوقعاتها”.
وقال النقيب عبد السلام عبد الرزاق قائد الجيش السوري الحر المقيم في ريف إدلب: “هناك تحالف استراتيجي تفرضه الجغرافيا والتاريخ والمصالح والأهداف المشتركة بين الشعبين السوري والتركي. هذا هو سبب تحالف القيادة التركية مع الجيش السوري الحر والمؤسسات العسكرية والمدنية. لا أفهم ما يدور حول هذا العناء. فصائل الجيش السوري الحر ستقاتل إلى جانب صديقنا التركي في أي مكان لأن تركيا تقاتل إلى جانبنا في سوريا. لكن حتى الآن لا توجد نية للمشاركة (رسميًا) في معارك القوقاز أو أي معركة أخرى حتى لو كان هناك سوريون هناك”.
وأضاف: “كل قضايا المنطقة مترابطة سياسيًا وعسكريًا، وروسيا تفقد عقلها بسبب ظهور قوى تمنعها من ارتكاب المزيد من عمليات القتل في سوريا. هذه القوى تقف مع الشعوب المضطهدة وحتى الدول. أعتقد أنه من مصلحة الثورة السورية انتزاع مناطق نفوذ روسيا وكسر قوتها في كل مكان”.
يذكر أن تقرير المونيتور لم يتطرق للمرتزقة من لبنان وسوريا (مناطق نظام أسد) الذين يقاتلون إلى جانب أرمينيا في الصراع الدائر هناك مع أذربيجان.