لماذا لا تعوض أميركا ضحايا حربها ضد تنظيم الدولة في سوريا؟

ذا هيل- ترجمة: ربى خدام الجامع

في 27 أيلول من عام 2018، أصدر التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة خلال عملية العزم المتأصل بياناً أورد فيه 50 حادثة مؤكدة ثبت فيها تعرض مدنيين لإصابات من جراء غارات جوية تمت في العراق وسوريا، فكانت أول حادثة وردت في تلك القائمة تلك التي وقعت بالعراق ووصفت على النحو الآتي: “في 13 آب من عام 2016، وبالقرب من منطقة الكيارة بالعراق، ومن خلال تقرير إعلامي، وأثناء غارة على مقر لتنظيم الدولة ومقارعة العناصر الموجودة في تلك المواقع تم قتل ستة مدنيين بشكل غير مقصود”.

إذ بفضل تغطية الصحفيين من أمثال عصمت خان وآناند غوبال، إلى جانب عمل منظمة إيروورز التي تقوم برصد عدد القتلى والجرحى بين صفوف المدنيين، بلغنا مقتل ستة أشخاص بينهم علي خلف الوردي، وابنه البالغ من العمر 5 سنوات، وكذلك ابنتاه، إحداهما بعمر 18 سنة، والأخرى 14 سنة.

هذا ولم يقم الجيش الأميركي بالتواصل مع من تبقى من أفراد تلك الأسرة، بالرغم من تخصيص الكونغرس لمبلغ 5 ملايين دولار سنوياً على أنها تعويضات تقدم لأسر الضحايا، فإن ذلك لم يتم كما لم يقدم أي تعويض لتلك الأسرة عن خسارتها.

غير أن إدارة بايدن تعهدت بزيادة الشفافية حول ما يتصل بعدد القتلى والجرحى بين صفوف المدنيين على يد القوات الأميركية. ولهذا يتعين على الكونغرس أيضاً أن يحسن من سجل الحكومة فيما يتصل بالقيام بشيء تجاه هؤلاء الضحايا.

إلا أن أسرة الوردي لم تكن الوحيدة التي عانت من هذه التجربة والتي تمثلت بعدم اتخاذ أي موقف أو القيام بشيء سوى الصمت المطبق من قبل الإدارة الأميركية، إذ لم تقم الحكومة الأميركية بالتواصل أو تقديم أية مساعدات لأي من أسر الضحايا الذين بلغ عددهم 1398 والذين وردت أسماؤهم ضمن قائمة أعدتها صحيفة واشنطن بوست في خبر نشرته أواخر تشرين الثاني الماضي تحت عنوان: “خلف أعداد الضحايا ثمة أسماء وأرواح”.

وبالرغم من أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قد أكد بنفسه مقتل هؤلاء الضحايا، وتوافرت لديه تفاصيل دقيقة حول أماكن وجودهم، ويشمل ذلك إحداثيات تحديد الموقع الجغرافي، فإن الكثير من هؤلاء الضحايا قضوا في أماكن ضمن المناطق التي يمكن بلوغها اليوم. وفي معظم الحالات، قام صحفيون وباحثون محليون ومنظمات دولية غير حكومية بالتواصل مع العائلات لتوثيق تجاربهم، ما يعني أنه بوسع الحكومة الأميركية أيضاً أن تتواصل معهم إن رغبت بذلك.

وبالرغم من أنه لا يمكننا أن نعرف عدد الناجين الذين سيسعون للحصول على تعويض يعزيهم عن خسارتهم، إذا تم تقديم ذلك التعويض، فإنه لم يتم وضع سياسة لرفع شكوى أو تظلم ضمن هذا الإطار. والأهم من ذلك أن الضحايا البالغ عددهم 1398 ضحية والذين وردت أسماؤهم في تلك القائمة يمثلون مجرد جزء بسيط من العدد الإجمالي لمن يحتمل أن يكونوا قد قضوا في الغارات الجوية التي شنها التحالف الدولي.

والمحزن في الأمر، أن السياسة المؤقتة لوزارة الدفاع بالنسبة لتوزيع تعويضات الوفاة، قد صدرت خلال السنة الماضية، وأكدت جميع ما أشارت إليه تلك الحقائق مجتمعة، وهي أن الحكومة الأميركية لا يهمها تقديم أي تعويض عن أي ضرر بالرغم من معرفتها بأنها هي من تسبب به للأفراد في كل من العراق أو سوريا.

تعويض الأفغان

وقد يبدو ذلك أشبه بتحول كبير بالنسبة للسياسة في أفغانستان، إذ كان الجيش الأميركي يقدم بشكل دوري أموالاً على سبيل الهبة (بينها 605 دفعة من أصل 611 تم تقديمها في عام 2019). إلا أن السياسة المؤقتة أتت منسجمة مع الفكرة التي يتبناها البنتاغون والتي ترى بأن التعويض الذي يقدم عن الأضرار المدنية هو سلاح حرب بصورة أساسية، ويستخدم هذا السلاح عندما يرى القادة المحليون الموجودون على الأرض أن هنالك قيمة استراتيجية تتمثل بكسب قلوب الناس وعقولهم عبر تقديم دفعات صغيرة ورمزية.

أي: أن هذه السياسة أوضحت بأن البرنامج يميل إلى “مساعدة القادة العسكريين المفوضين على إقامة علاقات ودية مع السكان المحليين ودعمهم في المناطق التي تعمل فيها القوات الأميركية”؛ أي: أن ذلك لا يمثل عملية تعويض بالنسبة للضحايا. وترى منظمة مركز المواطنين في قلب النزاع بأن الالتزام بهذه النظرة القاصرة والمثيرة للسخرية بالنسبة للمصلحة الأميركية ومسؤولياتها في الحرب يعتبر خطأ في هذا السياق، كونها تقلل وإلى حد بعيد من قيمة تلك اللفتات التي تعبر عن حالة ندم والتي بوسعها أن تعيد شيئاً من كرامة وأهمية ضحايا الحرب الكثر حتى وإن لم يكن التعويض المالي يعوض عن فقد الأحبة.

ويجب على الرئيس الأميركي أن يوجه الكونغرس لدعم تلك المبادرات والبرامج، التي يجب أن تتوافر بموجب القوانين والسلطات القائمة بجميع المقاييس المتاحة.

وأخيراً، ونظراً لشمولية الدمار الذي تتسبب به الحرب، ولتفاوت نسب الأضرار التي يتعرض لها المدنيون، يتعين على فريق بايدن أن يتعاون مع الكونغرس لإيجاد طريقة أكثر شمولاً تسعى لتقييم ومعالجة العواقب الإنسانية للحرب العالمية على “الإرهاب”. لأن القيام بذلك لن يساعد الولايات المتحدة في حساب عدد الضحايا من البشر خلال الحروب الماضية فحسب، بل أيضاً يمكنه أن يخفف من غلواء أي دافع قد يحث الولايات المتحدة على شن أي حرب بشكل سريع مستقبلاً.

المصدر: ذا هيل

الترجمة نقلاً عن تلفزيون سوريا

Read Previous

ميليشيا “لواء القدس” تشيّع قتلاها في حلب

Read Next

“أنصار التوحيد” يقصف مقر العمليات الروسي في كفرنبل جنوبي إدلب

Leave a Reply

Most Popular