سيريا مونيتور -دمشق
تباينت تطلعات السوريين ومطالبهم من الحكومة الانتقالية الجديدة، التي أُعلن عن تشكيلها مساء السبت، بين السعي لتحقيق عدالة انتقالية تُطمئن المجتمع الدولي وتُسهم في رفع العقوبات عن سوريا، وبين إصدار قانون أحزاب يضمن مشاركة سياسية أوسع.
رفع العقوبات والعدالة الانتقالية
الخبير القانوني نعيم أقبيق أشار إلى أن استمرار العقوبات المفروضة على سوريا يفرض على الحكومة الجديدة تبني خطوات فعالة لرفعها، عبر التواصل مع المحافل الدولية، وإجراء حوارات مع الأطراف المعنية، إلى جانب تعزيز العدالة الانتقالية.
وفي حديثه لصحيفة “الوطن” المحلية، أوضح أقبيق أن العقوبات الحالية تعد “إجراءات فردية أحادية”، مشدداً على أن الجهة الوحيدة المخولة بفرض العقوبات هي الأمم المتحدة من خلال مجلس الأمن، وفق المادة 41 من الفصل السابع من ميثاق المنظمة.
وأضاف أن الإدارة الأميركية كان عليها “كشف جرائم النظام المخلوع بدلاً من فرض عقوبات تطال الشعب السوري”، مؤكداً أن الحكومة الانتقالية الجديدة عليها أن تطالب برفع هذه العقوبات عبر القنوات الدولية، والتفاوض مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أو اللجوء إلى مجلس الأمن إذا تعذر التوصل إلى اتفاق.
كما شدد أقبيق على أهمية تحقيق العدالة الانتقالية، مؤكداً أن العقوبات لا مبرر لها في ظل تبني هذا المفهوم، ودعا إلى التشاور مع الدول العربية، خصوصاً المملكة العربية السعودية، التي تمتلك دوراً إقليمياً ودولياً يمكن أن يُسهم في رفع العقوبات عن سوريا.
إصلاحات سياسية وقانون الأحزاب
من جانبه، رأى الخبير القانوني رائق شعلان أن سوريا لم تشهد تعددية سياسية حقيقية خلال عقود من حكم حزب البعث، مرجعاً ذلك إلى غياب الديمقراطية.
وأشار إلى أن “الشعب السوري يعلّق آمالاً كبيرة على الحكومة الجديدة، التي يُفترض أن تقود البلاد نحو الاستقرار، وتوفر بيئة ديمقراطية ملائمة تُتيح للمواطنين الانخراط في العمل السياسي الحر من خلال تشكيل أحزاب سياسية تعكس مطالبهم واحتياجاتهم”.
التشاركية وإصلاح المؤسسات
أما الأمين العام لـ “الجبهة الديمقراطية السورية” محمود مرعي، فاعتبر أن الحكومة الجديدة تمثل “بداية التشاركية”، لكنها تواجه تحديات كبيرة، منها إصدار قوانين تعزز الحريات وتنظم الحياة السياسية، وعلى رأسها قانون الأحزاب.
وأكد مرعي ضرورة أن تعمل الحكومة على ترسيخ عمل مؤسساتي يشمل القطاعات المحلية والتشريعية والنقابية، لافتاً إلى أن أحد أبرز مهامها هو تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية وإعادة انتخاب النقابات التي تم حلّها، مثل نقابات المحامين والمهندسين والأطباء، إضافة إلى غرف التجارة والصناعة.
وأشار مرعي إلى أهمية إجراء حوار وطني يعكس التنوع السوري، لا سيما مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وذراعها السياسي “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد).
ولفت إلى أن بعض المناطق، خاصة في شمال شرقي سوريا، لا تزال خارج سيطرة الدولة، على الرغم من امتلاكها موارد أساسية، مؤكداً أن “هذه الثروات يجب أن تكون ملكاً للشعب والدولة”.
في ظل هذه التحديات، ينتظر السوريون ما ستقدمه الحكومة الجديدة من خطوات عملية تترجم وعودها إلى واقع ملموس، وسط آمال بأن تقود البلاد نحو مستقبل أكثر استقراراً وعدالةً.