إعداد نادر دبو – سيريا مونيتور
مع اقتراب بداية العام الدراسي تزداد معاناة مئات العائلات من عشائر البدو التي فرت من مناطق التوتر في السويداء خلال الأشهر الماضية واستقرت مؤقتا في مدارس بريف درعا الشرقي هذه الأبنية التعليمية تحولت إلى مراكز إيواء تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة فيما يهدد موعد افتتاح المدارس بخلق أزمة جديدة تضع الأهالي والجهات المسؤولة أمام أسئلة لا تجد جوابا
منذ أسابيع تحولت عشرات المدارس في أرياف درعا الشرقية والشمالية إلى مأوى لعائلات بدوية مهجرة بعدما اضطرت إلى مغادرة مناطقها تحت ضغط التصعيد العسكري والمخاوف الأمنية غياب خطة بديلة من الحكومة أو المنظمات جعل هؤلاء يعيشون واقعا جديدا بعيدا عن حياتهم السابقة يتقاسمون الصفوف الدراسية بلا خصوصية أو راحة وسط ظروف معيشية بالغة الصعوبة
تركنا أراضينا وغنمنا
قال جدعان رافي أحد المهجرين من عشائر البدو لمراسل سيريا مونيتور :
نحنا طلعنا من بيوتنا بالسويداء غصب عنا بعد ما صارت الهجمات علينا وصار في تهديد لحياتنا تركنا أراضينا وغنمنا وأبقارنا وحتى الآليات ما قدرنا نطلع شي غير تيابنا اليوم نحنا قاعدين بمدارس بريف درعا الشرقي والوضع مأساوي ما في فرش لا خصوصية ولا حمامات نظيفة الأطفال عم يناموا على الأرض ما نحنا ضد الدراسة بس إذا المدارس رح ترجع تشتغل نحنا وين نروح لازم في حلول واضحة ومراكز بديلة قبل ما يبلش العام الدراسي
وأردف أن المهجرين لا يريدون مساعدات مؤقتة بل خطة كاملة للإيواء بكرامة وطالب الحكومة السورية بتحمل مسؤولياتها وتأمين مراكز سكنية مناسبة وتسهيل إخراج الحلال والآليات من مناطق التوتر لأن ذلك مصدر رزقهم كما نوّه إلى ضرورة وجود لجان حكومية ميدانية للاطلاع على الواقع قبل حلول الشتاء
وقالت سعاد وهي أم لأربعة أطفال لمراسل سيريا مونيتور:
تركنا كل شي ورانا بيوتنا وأغراضنا هون بالمراكز أنا أم وعندي أربع أطفال صغار ومو لاقية وين أطبخ أو أأمن لهم طبخة سخنة أو حمام نظيف ما في أدوات مطبخ ولا مياه كافية وكل شي مشترك مع عشرات العائلات ما بنطلب شي مستحيل بس بدنا مكان آمن نحس فيه إنو عايشين كبشر إذا طلعونا من المدارس بدون بديل نحنا حرفيا بالشارع
وأشارت إلى أن المصيبة تكمن في وقوف الناس طوابير على دورات المياه
مستقبل مجهول مع الشتاء
وأعرب ذياب صويلح وهو رب عائلة في الستين من عمره لمراسل سيريا مونيتور عن قلقه قائلا:
على ما يبدو شغلتنا طويلة شو راح نعمل وقت المدارس ما في بوادر حل قريب إذا ضلينا بهالصفوف كيف رح يكون وضع الأطفال وكبار السن بالشتوية
ورغم إعلان الحكومة تأجيل بدء العام الدراسي 20 يوما إلا أن الأهالي يرون أن هذا تأجيل للأزمة لا حل لها حيث أوضح أحد المهجرين لمراسل سيريا مونيتور أن أهل درعا لم يقصروا في المساعدة لكنهم لن يتمكنوا من توفير السكن عند بدء العام الدراسي وتابع قائلا الحكومة أجلت المدرسة 20 يوم شو رح يصير بهالعشرين يوم لازم ينوجد حل قبل ما تفتح المدارس
تهديد للعملية التعليمية وصحة الأهالي
تقارير محلية تشير إلى أن معظم مدارس أرياف درعا الشرقي والشمالي تحولت لمراكز إيواء ما يهدد العملية التعليمية ويضع مستقبل آلاف الطلاب أمام المجهول
الخطر لا يتوقف عند التعليم فالشتاء على الأبواب والبرد القارس في درعا لا يرحم خاصة مع غياب التدفئة الطين سيحول الأرض إلى مستنقعات والرطوبة ستخنق الأنفاس والمسنون والأطفال مهددون بالأمراض في ظل غياب منظومة صحية حقيقية
ونوّهت أم محمد وهي سيدة في الأربعين من عشائر صلخد لمراسل سيريا مونيتور :
إلى أن الوضع في الصيف كان صعبا مع نقص الماء والدواء وتساءلت كيف سيكون الحال في الشتاء دون خيام أو أغطية أو صوبات معربة عن خشيتها من إصابة الأطفال بالأمراض وعدم القدرة على علاجهم
استجابة محدودة وغياب خطة شاملة
منظمات المجتمع المدني التي زارت بعض المراكز لم تقدم سوى مساعدات محدودة من مواد غذائية وفرش لكن الوضع يتطلب استجابة شاملة تشمل مراكز بديلة وتحسين البنية التحتية وتأمين الرعاية الصحية والنفسية للمهجرين خصوصا الأطفال
وأشار أحد شيوخ المهجرين في حديثه لمراسل سيريا مونيتور إلى أن مطلبهم لا يقتصر على العيش بل يشمل العودة إلى الأرض والبيوت مؤكدا أن البدوي لا يعيش بلا أرضه وحلاله وأن المدارس ليست مكانا لهم بل هي للعلم وليست للمبيت
الوقت يضيق
المدارس لا تحتمل الجمع بين طلاب العلم وعائلات بلا مأوى والمنظمات الدولية لم تقدم خطة واضحة والحكومة تتعامل بردود فعل مؤقتة ومع غياب الأفق تتصاعد المعاناة ويزداد الشعور بالتهميش
الشتاء قادم والقلق الأكبر ليس من الخروج القسري من المدارس فقط بل من انعدام مأوى مناسب الرطوبة والبرد والطين تهدد الجميع والأمهات يخشين على أطفالهن فيما يواجه المسنون بردا بلا تدفئة أو رعاية
السؤال الذي يردده الجميع إلى أين نذهب ومع كل يوم يمر تقترب لحظة سيجد فيها أطفال المدارس أمام خيارين أحلاهما مر مقعد دراسي فارغ أو طفل مشرد بلا مأوى