صدر للروائي السوري مناف محمود السيد رواية “مقهى الياسمين” عن دار فضاءات للنشر والتوزيع، عمان ـ الأردن، والرواية هي العمل الأول في سجله الإبداعي، يتناول فيها الوضع السوري بمقاربة رمزية بين سورية والياسيمن، كما ترمز مقهى الرافدين للعراق، أو الهرم لمصر.
في المقهى رئيس وشيخ دين فاسد، وغرف مظلمة، وصناديق اقتراع تكرس الرئيس بمساعدة شيخ الدين وزمرة من القتلة والفاسدين، في المقهى أيضاً سماسرة ووسطاء ووكلاء يحيكون المؤامرات والدسائس، ويبرمون اتفاقات لمصلحة الرئيس أولاً، وبالمقابل يحصلون على الفتات، والمقهى كما هو صورة مصغرة عن الوطن، الذي يعيث به الخراب نتيجة غياب الحس بالمسؤولية، وتفشي الظلم والاستبداد، وانتشار الفقر والجهل، تجتاحه حمى الربيع العربي، لكن على نحو مختلف فالثورة التي بدأت سلمية، ما لبثت أن تعسكرت، وبالقليل كادت أن تسقط سلطة المقهى (الدولة)، لكن بمساعدة خارجية تمتد عذابات السوريين إلى فترة طالت إلى سنوات، وأصبحوا كما القابضين على الجمر، ثم الأهم من يؤخر انتصار الثورة، وهم من تسلقوا على دماء السوريين وأوجاعهم وآلامهم.
سردية “مقهى الياسيمن”، عمل ذو طابع سياسي هادف، بأسلوب رشيق، وسرد تلقائي يجمع بين المرارة والانكسار، وبين السخرية والفكاهة، هي باختصار تصوير للواقع المضحك والمبكي في آن، لكن بالنتيجة تحاول أن تنزع ثقل هذا الواقع المرير عن كاهل الناس، ولعلّها بصيص أمل في ليلنا المظلم. وفي إشارة إلى حجم الألم، يستهل الكاتب روايته بإهداء خاص لشهداء الثورة: “إذا كان حب الأوطان من الإيمان، فأي إيمان وصل إليه من قدموا أرواحهم فداءً للأوطان.. تقبل الله شهداءك يا وطني”.
وعن الرواية يقول الكاتب: “لأنها شجرة دمشقية أصيلة، لابد أن تحافظ على بياضها ونقائها، وعبق زهرها، وشذى عطرها، فهي ترفض أن تعطي اسمها لعجوز شمطاء، أطلقوا عليها بهتاناً وزوراً لقب سيدة الياسمين، وما هي إلا مجرمة، زوجة مجرم قاتل، دمر سورية بحجرها وبشرها وشجرها وزهرها، لهذا كان (مقهى الياسمين) العنوان الذي اخترته لروايتي الأولى، لكي نعيد للياسمين بعضاً من حقه المغتصب”.