أصدر “مكتب الأمن الوطني” التابع للنظام السوري، تعميماً قيّد بموجبه نشاطات الفصائل الفلسطينية في العاصمة دمشق.
وأفاد موقع صوت العاصمة المحلي أن مكتب الأمن الوطني (أعلى سلطة أمنية في سوريا) أرسل تعميماً لجميع مكاتب الفصائل الفلسطينية السياسية منها والعسكرية وحتى ذات الطابع الاجتماعي، بضرورة منع التجمعات والاجتماعات وتقليص وجودهم في المكاتب والمقار التابعة لهم.
وأشار الموقع نقلا عن مصادر خاصة أنّ التعميم الذي وصل إلى الجهات الفلسطينية، مطلع تشرين الثاني الجاري، يتضمن تعليمات بتقليص ساعات العمل خلال أيام الدوام، في جميع الفعاليات المدنية والنشاطات الاجتماعية التي تقوم بها مكاتب الفصائل مثل جمعيات الحياكة والتعليم والمشاريع الصغيرة والجمعيات الخيرية، وتخفيضها عدد تلك المشاريع تدريجياً بحجة تهديدات إسرائيلية بقصف جهات فلسطينية موجودة في سوريا.
وتابع أن التعميم منع المبيت أو فتح المكاتب السياسية والمقار بعد الساعة الثانية ظهراً ومنع التجمع خارج المكاتب في أماكن عامة أو خاصة، إضافة إلى منع حمل الأسلحة والذخائر حتى الفردية منها في السيارات.
وذكرت مصادر “صوت العاصمة” أن “إدارة أمن الدولة” أجرت اتصالات خلال الأسابيع الماضية مع كبار قيادات الفصائل الفلسطينية والمسؤولين السياسيين الذين يقطنون في سوريا منذ عشرات السنين، وطمأنتهم بأن تلك الإجراءات التي صدرت عن “الأمن الوطني” هي لحمايتهم وحماية مقارهم وتجنب إلحاق الأذى بهم.
وتابع أن “الأمن الوطني” طلب من إدارة منظمة الغوث الفلسطينية “الأونروا” التشديد على طلبات التوظيف الجديدة وتقديم بيانات تفصيلية عن الموظفين بشكل دوري لإدارة أمن الدولة، لإجراء الدراسة الأمنية اللازمة للموظفين والمتقدمين الجُدد، سوريين كانوا أم فلسطينيين.
وكانت مصادر من الفصائل الفلسطينية في دمشق كشفت في وقت سابق أن الحصول على تراخيص للخروج في مسيرات ضمن شوارع دمشق تأييداً لـ”محور المقاومة” ممنوع منذ بدء أحداث غزة.
ويشترط على الفصائل الفلسطينية وحتى الأحزاب السورية تقديم طلب موافقة إلى فروع الأمن للخروج في مسيرة داعمة لفلسطين ولبنان، لكن هذه الطلبات حالياً تواجه بالرفض أو تؤجل وتسوف، أو تحصر بأماكن محددة مثل المخيمات وبوتيرة متباعدة، أو تأخذ شكل وقفات تضامنية وندوات في مراكز ثقافية مغلقة أو نقابية أو في مؤسسات ومكاتب الأحزاب السورية أو الفصائل الفلسطينية.
وتؤكد المصادر الفلسطينية أن التبرير الذي يحصلون عليه في المنع هو الخشية على زعزعة الساحة السورية وجعل تلك المسيرات هدفاً لإسرائيل أو عملائها واستغلالها ضد النظام السوري. وتلتزم سوريا الصمت حالياً على المستوى السياسي حيال ما يحدث في ساحة لبنان وغزة، لكن ذلك بدأ يدعو السوريين والفلسطينيين إلى الشك بما ستكون عليه الخطوة التالية.
يشير المصدر إلى أن هناك مخاوف لدى الفصائل الفلسطينية في دمشق من صدور قرارات أمنية لاحقاً بتوقيف أنشطتهم وإغلاق مقارهم، بما يتماشى مع التحول الذي تشهده السياسة السورية تجاه “محور المقاومة”، الذي كانت تتعامل معه بطريقة مختلفة تماماً قبل حرب غزة وبعدها في لبنان.
ويؤكد مصدر أن بعض الفصائل الفلسطينية في سوريا خفضت أنشطتها إلى حد كبير من تلقاء نفسها، لدواع أمنية ذاتية من دون طلب من النظام السوري، وذلك بعد الاستهدافات التي طالت قادة ومقاتلين فلسطينيين سواء في لبنان أو سوريا إثر اختراقات أمنية.
يُذكر أنه تم إغلاق مكاتب الفصائل الفلسطينية في سوريا عام 2002 سابقاً ولأكثر من عام، بعد تهديدات من رئيس وزراء اسرائيل أرييل شارون حينها حول احتضان سوريا “لفصائل إرهابية” وسط ضغوط أميركية وتهديدات بهذا الصدد، ثم عادت للعمل عام 2007 بعد دخول شارون في غيبوبة عام 2006.
وعلى صعيد آخر، تثار بين الفلسطينيين شائعات كثيرة حول مستقبل وجودهم في سوريا بعد هذا التحول غير الواضح حتى اللحظة، ومن تلك الشائعات هي بدء ممارسات التضييق على الفلسطينيين بطريقة ما لدفعهم للخروج من سوريا كتوقيف خدمات الأونروا ومخصصات البطاقة الذكية، ومعاملتهم معاملة الأجنبي، أو إجبارهم على التوطين والحصول على الهوية السورية بدلاً من التذكرة المؤقتة لللاجئين التي تحفظ حقهم في العودة وتعتبر دليلاً على جنسيتهم.
وتراجعت مساعدات الأونروا في سوريا تحديداً من دون غيرها (لبنان الأردن) حتى قبل بدء الحرب على غزة، وتراجعت إلى مستوى خطير كما يصفه الفلسطينيون في دمشق مع بدء الحرب، إضافة إلى صدور قرارات من النظام السوري بعد بدء الحرب على غزة، أثارت مخاوفهم ومنها منعهم من تملك العقارات.