سيريا مونيتور..
في خطاب اتسم بالوضوح والحزم، وضع الرئيس السوري أحمد الشرع رؤية واضحة للمرحلة القادمة، مؤكداً أن سوريا تمر بمنعطف تاريخي يتطلب قرارات شجاعة ومسؤولية جماعية للحفاظ على استقرارها ووحدتها. جاء هذا الخطاب خلال مؤتمر الحوار الوطني السوري، حيث حمل رسائل مباشرة حول مستقبل البلاد، والسيادة الوطنية، والعدالة الانتقالية، والتدخلات الخارجية.
بدا الشرع في خطابه أكثر صرامة مقارنة بخطاباته السابقة، مشدداً على أن احتكار السلاح بيد الدولة ليس خياراً بل واجباً لا يقبل التفاوض، ليقطع بذلك الطريق على أي محاولات لفرض أمر واقع من قبل جماعات مسلحة أو جهات خارجية. كما أكد أن شكل الحكم المركزي لسوريا لن يكون موضع تجربة، في إشارة واضحة لرفض مشاريع التقسيم أو الفيدرالية المفروضة.
من أبرز المحاور التي تطرق إليها الشرع كانت مسألة العدالة الانتقالية، حيث أعلن أن تشكيل هيئة خاصة لمحاسبة أركان النظام السابق بات مسألة وقت، ما اعتبره الكثيرون خطوة لاستعادة ثقة الشارع السوري وإثبات جدية الدولة في ملاحقة المتورطين في الانتهاكات السابقة. هذه الخطوة قد تشكل نقطة تحول في المشهد السياسي السوري، إذ تعكس رغبة في إغلاق صفحة الماضي عبر إجراءات محاسبة عادلة.
لم تغب السيادة الوطنية عن خطاب الشرع، حيث وجّه رسائل غير مباشرة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكداً أن سوريا لن تكون ساحة لأي مشاريع تقسيمية، وأن أي محاولة لفرض واقع جديد في الجنوب السوري ستفشل كما فشلت سابقاً. كما حذر من الدعوات التي تستغل الطائفية والقومية كأداة لتمزيق النسيج الاجتماعي السوري، مشدداً على أن التعايش المشترك كان وسيظل جزءاً من الهوية السورية.
خريطة طريق لإنقاذ سوريا: ثلاث مراحل رئيسية
رسم الشرع خريطة طريق لإنقاذ البلاد من أزماتها عبر ثلاث مراحل متكاملة:
- الخطة الإسعافية: وتهدف إلى معالجة الأزمات العاجلة مثل توفير الخدمات الأساسية وإعادة الإعمار الأولي.
- الخطة متوسطة الأجل: تركز على تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتهيئة البيئة لنمو مستدام.
- الخطة الاستراتيجية طويلة الأمد: تستهدف إعادة هيكلة الدولة، وتعزيز الحوكمة الرشيدة، وتحقيق التنمية المستدامة.
رسائل واضحة للمستقبل
- لا تهاون في سيادة الدولة: أكد الشرع أن الدولة استعادت قرارها، ولن تسمح بأي محاولات لزعزعة استقرارها أو المساس بوحدتها.
- رفض أي مشروع تقسيمي: شدد على أن احتكار السلاح بيد الدولة واجب، ولن يكون هناك شرعية لأي ميليشيات أو قوى غير حكومية.
- العدالة الانتقالية قادمة: تم التأكيد على محاسبة المسؤولين عن الجرائم السابقة، لضمان تحقيق العدالة.
- رفض الدعوات الطائفية والمشبوهة: أوضح الشرع أن سوريا لن تسمح باستخدام الطائفية كأداة سياسية.
- استعادة الدور الإقليمي لسوريا: أكد أن سوريا ستعمل على استعادة موقعها الاستراتيجي في المنطقة من خلال خطوات دبلوماسية مدروسة.
اختتم الشرع خطابه بالتأكيد على أن سوريا رغم جراحها العميقة، لديها فرصة تاريخية لإعادة البناء، داعياً جميع أبنائها إلى التكاتف من أجل مستقبل أكثر استقراراً وعدالة. واعتبر أن اللحظة الراهنة تمثل فرصة نادرة لإعادة تشكيل الدولة بما يليق بتضحيات السوريين، مشدداً على أن إعادة البناء تتطلب وعياً وطنياً بعيداً عن التجاذبات السياسية والتدخلات الخارجية.