“نتنياهو ونتساريم”.. من وعود البقاء إلى قرار الانسحاب

سيريا مونيتور..

أعاد انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم، الذي فصل قطاع غزة إلى جزأين، الجدل حول التصريحات المتشددة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والتي أكدت مرارًا عدم الانسحاب من هذا المحور منذ بدء العمليات العسكرية في غزة.

وكان الجيش الإسرائيلي قد سيطر بالكامل على محور نتساريم، الذي أقيمت عليه إحدى المستوطنات الإسرائيلية قبل عام 2005، في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، مما أدى إلى عزل شمال القطاع عن جنوبه وتقييد حركة السكان.

وفي آذار/مارس 2024، كشف الجيش الإسرائيلي عن شق طريق 749، الممتد من منطقة غلاف غزة حتى البحر غربًا، مع توسيعه عبر تدمير المباني السكنية المحيطة به، في خطوة أثارت التكهنات بشأن نية إسرائيل إعادة إحياء الاستيطان فيه، خاصة مع دعوات المستوطنين للعودة إلى المنطقة.

نتساريم.. من مشروع استيطاني إلى نقطة انسحاب

كانت مستوطنة نتساريم جزءًا من مشروع “الأصابع الخمسة” الاستيطاني الذي قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون عام 1971، والذي هدف إلى إقامة خمسة تجمعات استيطانية تمتد من غزة إلى سيناء. وأسست المستوطنة عام 1972 قبل أن يتم إخلاؤها عام 2005 بقرار من شارون نفسه.

شكلت نتساريم محطة فارقة في تاريخ إسرائيل، حيث اعتبرها شارون أساسية كمدينة تل أبيب، لكن قبل الانسحاب من غزة عام 2005، أعلن تصريحه الشهير: “قريبًا سيحين اليوم الذي نخرج فيه من نتساريم”، وهو ما تحقق بالفعل عندما قامت الحكومة بإخلاء المستوطنين بالقوة وهدم المستوطنة بالكامل.

نتنياهو وتكرار سيناريو الانسحاب

على غرار تصريحات شارون، أطلق نتنياهو منذ بدء العمليات في غزة، وعودًا بالبقاء في نتساريم واعتبارها رمزًا للسيطرة الكاملة على القطاع، لكن الجيش الإسرائيلي انسحب منها في 9 شباط/فبراير 2025.

وفي آب/أغسطس 2024، شدد نتنياهو على أن السيطرة على محوري فيلادلفيا ونتساريم تمثل “أصولًا استراتيجية وعسكرية لا يمكن التخلي عنها تحت أي ظرف”. كما اقترح خلال المفاوضات آنذاك حفر خنادق مجهزة بكاميرات وأجهزة استشعار، للسماح بعودة النازحين إلى شمال غزة عبر محور نتساريم سيرًا على الأقدام.

وفي 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، زار نتنياهو محور نتساريم برفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس الأركان هرتسي هاليفي ورئيس الشاباك رونين بار، وألقى كلمة أكد فيها أن “حماس لن تكون في غزة بعد الآن وسنقضي عليها”، مستعرضًا خططًا لإنشاء مشاريع إسرائيلية في المنطقة لتعزيز السيطرة عليها.

ومع مطلع عام 2025، جدد نتنياهو رفضه لعودة النازحين إلى شمال غزة، مؤكدًا الإبقاء على محور نتساريم تحت السيطرة العسكرية.

خسائر الجيش الإسرائيلي في نتساريم

رغم وعود نتنياهو المتكررة، فقد تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة في محور نتساريم، حيث بلغت حصيلة القتلى حتى آب/أغسطس 2024 نحو 30 جنديًا، نتيجة عمليات القنص والكمائن، إضافة إلى الاستنزاف المستمر من خلال قصف المحور بصواريخ قصيرة المدى وقذائف الهاون بشكل شبه يومي.

في النهاية، مثل انسحاب إسرائيل من محور نتساريم ضربة أخرى لتعهدات نتنياهو بالبقاء، مما يعيد إلى الأذهان الانسحاب من غزة عام 2005، ويطرح تساؤلات حول مستقبل سياسات إسرائيل في القطاع.

Read Previous

السعودية ترفض تصريحات نتنياهو حول تهجير الفلسطينيين وتؤكد على حل الدولتين

Read Next

هل يسعى نتنياهو لتعطيل صفقة تبادل الأسرى لتحقيق مصالحه الشخصية؟

Most Popular