بينما يعيش آلاف الشبان السوريين تحت وطأة البطالة والفقر، ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية شخصية روسية مثيرة للجدل تدعى بولينا ألكساندروفنا أزارنيخ، لتتحول من وسيطة لتأشيرات الدراسة إلى وجه بارز في شبكات التجنيد الروسية. وعبر وعودٍ مغرية بالرواتب العالية والجوازات الروسية، استطاعت بولينا استقطاب عشرات السوريين من مدن مثل طرطوس وحمص والسويداء، مدفوعة بآلة دعاية رقمية نشطت على تيليغرام وإنستغرام. لكن ما إن يصل هؤلاء إلى روسيا حتى يجدوا أنفسهم في الصفوف الأمامية للحرب في أوكرانيا، ليكتشفوا متأخرين أن الوعود بالاستقرار والأمان كانت مجرد فخ دموي.
وفي سياق الصراع الدائر في أوكرانيا منذ شباط/فبراير عام 2022، أصبحت روسيا تعتمد بشكل متزايد على استراتيجيات غير تقليدية لتعزيز صفوف قواتها العسكرية، ومن أبرز هذه الاستراتيجيات تجنيد مواطنين أجانب من مناطق مختلفة حول العالم، خاصة الشرق الأوسط وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
ويمكن القول، أن النفوذ الروسي الفعلي في سوريا والذي بدأ بالتصاعد منذ منتصف 2015، ساهم بشكل فعال في تجنيد عدد كبير من السوريين وخاصة خلال السنة الأولى من الحرب الروسية- الأوكرانية، كما دفعت الحالة الاقتصادية المتهالكة بعدد كبير من الشباب السوري للالتحاق بمعسكرات التجنيد الروسية، والمشاركة إلى جانب القوات الروسية في حربها مع أوكرانيا.
أما آلية ضم وتجنيد القوات الأجنبية في الجيش الروسي وبشكل خاص السوريين، فقد اعتمدت على وسائل عدة، منها شبكات ومؤسسات محلية، كانت تتمتع بنفوذ ودعم روسي، وخاصة في عام 2022، ومنها “شركة سند للحراسات والخدمات الأمنية” وشركة “الصياد الأمنية”، بالإضافة لدور عدة شخصيات عسكرية وأمنية كانت مرتبطة بنظام الأسد والقوات الروسية في سوريا، ومنها قائد لواء “العهدة العمرية” إسماعيل شموط “أبو هاني”، ونابل العبدالله، قائد ميليشيا “الدفاع الوطني” في منطقة السقيلبية بريف حماة، وسيمون الوكيل، قائد “الدفاع الوطني” في محردة.
أما النوع الآخر من آليات التجنيد مع القوات الروسية، كانت على الأغلب ليست محلية، واعتمدت على وسائل التواصل الاجتماعي مثل تيليجرام، فيسبوك، وإنستغرام، حيث يقدم الوكلاء المتخصصون بعمليات التجنيد وعوداً مغرية برواتب عالية تصل إلى آلاف الدولارات شهرياً، بالإضافة إلى مناصب غير قتالية مثل حراس أمن أو سائقين في مناطق آمنة.
ومع ذلك، يكشف الواقع عن حملات خداع واسعة النطاق، حيث يجد هؤلاء المجندون أنفسهم في الخطوط الأمامية للمعارك، ما أسفر ولا يزال عن مقتل وإصابة العديد منهم.
هذا التحقيق الاستقصائي يغوص في أعماق هذه الشبكة السرية، مع التركيز الخاص على دور شخصيات بارزة مثل بولينا ألكساندروفنا أزارنيخ، التي تحولت من مجرد وسيطة لتأشيرات الدراسة إلى مجندة نشيطة تعمل لصالح الجيش الروسي، مستنداً إلى وثائق وتقارير من مصادر موثوقة.
تشكل روسيا شبكة تجنيد معقدة وسرية تمتد عبر مناطق واسعة في الشرق الأوسط وهو ماكشفته تقارير صحفية في العراق وتحقيق صحفي معمق نشرته أريج حول التجنيد في اليمن وآخر لـ الميديل ايست اي يكشف عمليات التجنيد في الأردن. تهدف إلى جذب مواطنين عرب وأفارقة للانضمام إلى قواتها في الصراع الأوكراني، مستغلة الفقر المدقع والحاجة الملحة إلى فرص العمل.
وغالبا ما يقع الراغبون بالانضمام للقوات الروسية في فخ التضليل والخداع، بعد أن يتم إقناعهم من قبل شبكات التجنيد بانخفاض نسب المخاطر، وبأماكن انتشار لن تكون على خطوط الجبهات الأولى، إنما في مناطق شبه آمنة بعيدة عن ساحات الاقتتال بين الروس والأوكرانيين، بالإضافة لترغيبهم من خلال المبالغة الكبيرة في قيمة الأجور والرواتب والتأمينات.
ووفقاً لدراسات بحثية وتقارير إعلامية، فإن من يدير شبكات التجنيد غالبا يحمل الجنسية الروسية أو من مزدوجي الجنسية، ممن كانوا في السابق يديرون خدمات تسهيل الحصول على التأشيرات، ثم تحولت أنشطتهم لدعم الجهود الحربية للكرملين بعد غزو أوكرانيا في فبراير 2022.
في الدول العربية، يبرز دور سوريا كمركز رئيسي لهذه العمليات، حيث يتم تجنيد الشباب من محافظات مثل طرطوس واللاذقية وحمص وحماة والسويداء خلال عامي 2023 و 2024. مع وعود بجنسية روسية أو إقامة دائمة، لكن النتيجة غالباً ما تكون مأساوية.
بولينا: من وسيطة تأشيرات إلى مجندة عسكرية
تُعد بولينا ألكساندروفنا أزارنيخ (بالروسية: Азарных Полина Александровна) واحدة من أكثر الشخصيات نشاطاً وانتشاراً في هذه الشبكة، وهي مواطنة روسية ولدت في 29 مارس 1985، وتقيم حالياً في مدينة فورونيج جنوب غرب روسيا.
بدأت مسيرتها المهنية كوسيطة متخصصة في تأشيرات الطلاب، مع تركيز خاص على خدمة المواطنين العرب من دول مثل مصر وسوريا والعراق. سافرت بولينا سابقاً إلى مصر، حيث أقامت صداقات وثيقة وعلاقات اجتماعية مع مصريين، مما ساعدها في بناء شبكة علاقات واسعة في المنطقة وتظهر قناة التلجرام عدد من المتطوعين مصريي الجنسية وقوائم لقادمين جديد حصلوا على تأشيراتهم حديثاً، بهدف الالتحاق بجبهات القتال في أوكرانيا إلى جانب الجيش الروسي. إضافة لعدد من الشبان المصريين الذين وصلوا الى روسيا توا.
يظهر الرصد الخاص لـ “موقع تلفزيون سوريا” أن وكيلة التجنيد المعنية كانت في مرحلة سابقة مؤيدة متحمسة لحركة المعارضة الروسية، حيث نشرت دعماً علنياً لأليكسي نافالني في عام 2021، وشاركت في مظاهرات في فورونيج، معبرة عن إحباطها من الفساد الحكومي وارتفاع الأسعار. إلا أن اندلاع الحرب في أوكرانيا، جعل بولينا تتحول بشكل مفاجئ إلى مجندة نشطة للجيش الروسي، حيث بدأت في تجنيد الطلاب والمهاجرين العرب بكل حماس.
تعمل بشكل أساسي عبر تطبيق تليجرام من خلال قناتها على تلجرام حيث كان آخر منشور لها في 15 سبتمبر 2025، بالإضافة إلى حسابها على فيسبوك الذي أقفلته مؤخرا، في حين يستمر حسابها على إنستغرام بنشر دعايات التطوع في الجيش الروسي مقابل راتب شهري يصل إلى 3000 دولار أميركي مع الحصول على جواز سفر روسي بعد توقيع العقد.
والجدير بالذكر أن بولينا تحمل جواز سفر دبلوماسي برقم 2004484171، كما هو موثق بنسخة عقد فارغة مذكورة فيه باعتبارها عميل مسؤول عن تقديم خدمات المعلومات لإبرام عقد الخدمة العسكرية في وزارة الدفاع الروسية.
اعترفت بولينا سابقاً بموت بعض مجنديها في المعارك، معبرة عن أسفها في منشورات تبدو صادقة، لكنها لم تتوقف عن أنشطتها، واستمرت حتى أيلول/ سبتمبر الجاري في الترويج للتجنيد، مما يثير تساؤلات حول دوافعها الشخصية والمالية.
وفي أحدث إعلان حول التجنيد، تقول بولينا أن سبعة دول لا يقبل مواطنيها في عقود وزارة الدفاع الروسية، بين تلك الدول أفغانستان وكوبا وسيرلانكا وإيران وسوريا. ورغم هذا الاعلان يتوضح انه 6 سوريين حصلوا على تأشيرات سفر الى روسيا، بواسطة بولينا وذلك قبل ايام قليلة من نشر هذا التقرير
التسلسل الزمني لنشاط بولينا في عمليات التجنيد
حسب البحث في المصادر المفتوحة، بدأت بولينا أنشطتها في حوالي عام 2018، حيث انخرطت في التواصل مع الطلاب العرب المحتملين عبر الإنترنت، عارضة تسهيل السفر والإقامة للدراسة في جامعات روسية متنوعة ودورات اللغة الروسية.
خلال هذه الفترة، شاركت بطاقة عملها تحت الاسم التجاري “الدراسة في روسيا” (Study in Russia)، كما يظهر في الصورة، مما ساعدها في جذب مئات المهتمين من الدول العربية.
منذ منتصف عام 2023، شهد نشاطها تحولاً جذرياً، حيث بدأت في الترويج المستمر للقوات المسلحة الروسية، موجهةً رسائلها إلى الناطقين بالعربية وحثهم على الاتصال بها لأغراض التجنيد، بما في ذلك أولئك الذين انتهت صلاحية تأشيراتهم في روسيا.
تزامن هذا التغيير مع نشرها صوراً لنفسها في شرق أوكرانيا في يونيو 2023، بما في ذلك صورة لها تحمل بندقية هجومية في منطقة لوهانسك.
في عام 2024، جنّدت مواطنين سوريين توجهوا إلى أوكرانيا ابتداء من كانون الاول / ديسمبر 2023، حيث نشرت خبر وصول سوريين إلى موسكو مرفقا بصورة، تنفي من خلالها شائعات توقف إصدار الدعوات والتأشيرات للمواطنين السوريين وتقول انه مازال مستمرا للدراسة و”الانضمام إلى الجيش الروسي”.
إضافة إلى هؤلاء، فإن ما لايقل عن 15 شابا سوريا، جرى تجنيدهم للقتال في أوكرانيا إلى جانب الجيش الروسي، حسب مايشير تحليل الصور بشكل حاسم، إضافة إلى الإعلان الصريح من قبل بولينا على أنهم جاؤوا للقتال، كما تأكد من خلال معرفاتها على حصول 10 على الأقل من السوريين على جوازات سفر روسية.
تؤكد بولينا في 14 آذار/ مارس 2024، أن الأشخاص الظاهرون في الصورة محميون من قبل وزارة الدفاع في الاتحاد الروسي بعد تعرضهم إلى عمليات احتيال وأنهم تعرضوا إلى تجارب صعبة، وأن “روسيا وسوريا معا “.
في 7 نيسان / أبريل 2024، أكدت بولينا أن عمليات التجنيد لمقاتلين من سوريا ما زالت مستمر وأنها توفي بوعودها المتعلقة بالحصول على جواز سفر روسي للمتقاعدين مع وزارة الدفاع. حيث نشرت صورة جماعية، تتوسط 8 شبان سوريون يحملون جوازات روسية.
بولينا لم تغفل بين الفينة والأخرى عن شكر السوريين المتطوعين أو الراغبين في القتال إلى جانب القوات الروسية، ففي 30 نيسان/ إبريل، أعربت عن سعادتها بقدوم مقاتلين سوريين إلى روسيا لدعم قواتها، شاكرة الشعب السوري، وداعية للوحدة من أجل ما وصفته ب “السلام”، وقد أرفقت مع نصها الشاكر للسوريين صورة تأشيرة سفر لمواطن سوري، إلا أنها موهت اسمه ومعلوماته الشخصية، مكتفية بإظهار نص يفيد بأنه سوري، وصورته الشخصية.
وفي 23 أيار (مايو) من العام الماضي، طلبت بولينا من 20 سوريا من عملائها، أن يتواصلوا معها بعد صدور موافقة على تأشيراتهم.
ويظهر إعلان على قناتها في تلجرام، نُشر في الثالث من آب / أغسطس 2024 نوعية جديدة من التواصل باللغة العربية مع عملائها السوريين، حيث كتب الإعلان بالعامية السورية على خلاف باقي منشوراتها التي تظهر استخدامها لتطبيقات الترجمة الآلية من الروسية للعربية، والإعلان موجه لمن حصل على تأشيرة ممن يرغب بالانضمام للجيش الروسي أن يتواصل الأرقام الخاصة بها.
الجدير بالذكر، أن بولينا، قد أعلنت من خلال قناتها على تلجرام، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي عن قيود على استقبال السوريين بموجب عقود مع وزارة الدفاع الروسية، محذرة من التواصل مع أي جهة قد تقدم وعود بإبرام عقود تجنيد مع القوات الروسية، ومنبهة من الوقوع في مصيدة الاحتيال، كما أتبعت إعلانها في 13 من الشهر ذاته، بإعلان ينفي وجود أي مندوب عنها أو عن شبكتها في سورية، ومؤكدة على أن القيود مستمرة على السوريين للانضمام للقوات الروسية، إلا أن القيود رفعت على ما يبدو في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، حيث أعلنت بولينا عن استئناف قبول السوريين بموجب عقود مع وزارة الدفاع الروسية.
وفي وقت سابق تحدثت تقارير شبكة السويداء 24 عن مقتل وحيد مرسل الشبلي وهو متطوع سوري من قرية عريقة في محافظة السويداء في الحرب الاوكرانية. ونشرت الشبكة خبر مفاده أن اتصالات مكثفة تجري لإعادة سبعة شبان آخرين إلى السويداء، كان قد تم تجنيدهم على الاغلب مع وحيد مرسل الشبلي.
وحصل موقع تلفزيون سوريا على فيديو مصور يظهر المتطوعين وبينهم الشبلي وهم يرتدون زيا عسكريا روسيا.
ويظهر تحقيق مفصل عن عمليات تجنيد شبان سوريين للقتال في روسيا عبر وسطاء سوريون، منهم وسام الدمشقي، حيث يرجح تحقيق لمرصد الشبكات الاقتصادية والسياسية أن الأخير مرتبط بالوكيلة بولينا وانه من قام بتطويع شباب السويداء في الحرب الاوكرانية.
وبعد أيام من حصول الشبلي ورفاقه على الجنسية الروسية، يظهر شاب سوري آخر ، يدعى زياد ، حاملا لجواز سفر روسي، يقف مصافحا بولينا، التي علقت على الصورة، مخاطبة الشاب بالصديق العزيز “بفضل خدمتك في الجيش الروسي، حصلت على جواز سفر كمواطن من الاتحاد الروسي، أهنئك بحرارة على مرحلة جديدة في حياتك. شكرا لدعمكم الجيش الروسي! أشكر الشعب السوري على دعمه! المجد لروسيا “.
وتظهر الصور أعلاه استمرار تجنيس المقاتلين السوريين، حيث يمنحون الجوازات الروسية بعد اسبوعين من انضمامهم الى كتيبة النخبة الدولية التي تضم المقاتلين المرتزقة من دول العالم. ويظهر جواز السفر السوري الخاص بالمقاتل بيد بولينا.
ومن خلال متابعة قناة التلجرام الخاصة بالوكيلة بولينا، تنعي مقاتلين وتكتفي بنشر صورتهما دون الاشارة الى هويتهما، مع ذكر الاسم الاول لكل منهما، الا ان تدقيقا بين مئات الصور، يفضي الى ان شابا سوريا اسمه الاول سعيد قد قتل في 12 تموز / يوليو 2024، وهو اول قتيل في صفوف من جندتهم ، وتقر بولينا انها قد بدأت بتجنيد المقاتلين الاجانب للقتال في جيش بوتين قبل عام من تلك الحادثة ، اي في اواسط عام 2023.
سقوط نظام الأسد نهاية العام الماضي، قد يشكل عاملا كبيرا في انخفاض نسبة الراغبين في الانضمام للقوات الروسية، إلا أن جهودًا كبيرة يجب بذلها في سبيل حماية الشباب السوري من عمليات الانجرار وراء الوعود البراقة التي تعد بها شبكات التجنيد، ولعل المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الحكومة السورية الحالية، سواء من خلال تحسين الأوضاع الاقتصادية والمادية للسوريين، أو من خلال ترسيخ قيم العدالة والمساواة والمواطنة في المجتمع السوري، سيما أن عوامل الجذب للتجنيد لا تزال قائمة من خلال الشبكات الروسية وما تحترفه من أساليب خداع وإغواء متعدد الأنواع، أو من خلال النفوذ الروسي الذي لا يزال قائما في الساحل السوري ويتجسد هذا النفوذ بقاعدة حميميم، أو قاعدة طرطوس البرية، مع الأخذ بعين الاعتبار، البيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الهشة في تلك المنطقة، وحالة عدم الاستقرار الكامل وخاصة بعد أحداث الساحل في آذار/ مارس وما خلفته من آثار سلبية.
تشكل ظاهرة تجنيد السوريين كمرتزقة في الجيش الروسي ضد أوكرانيا تهديداً خطيراً على الأمن القومي السوري في المستقبل، حيث تؤدي إلى استنزاف الموارد البشرية الشابة، المستنزفة أساسا بسبب الحرب السورية.
مع مقتل العديد منهم في الجبهات الأمامية، ستفقد سوريا جيلاً من الشباب المدربين عسكرياً، مما يضعف القدرات الدفاعية والاقتصادية، ويزيد من الفراغ الاجتماعي في محافظات بعينها.
كما أن عودة الناجين قد يحمل أخطار أمنية، إذ يمكن أن يصبحوا أدوات لتأثيرات خارجية أو يساهموا في انتشار العنف المحلي، خاصة في ظل النزاعات الداخلية المستمرة، مما يهدد الاستقرار الوطني ويجعل سوريا أكثر عرضة للتدخلات الأجنبية.
أما أسباب الانضمام والقتال إلى جانب روسيا، فتعود أساساً إلى الظروف الاقتصادية القاسية في سوريا، مثل البطالة المرتفعة والفقر المدقع، الذي يدفع الشباب للبحث عن فرص دخل سريع.
فيستغل الوكلاء الروس، مثل بولينا أزارنيخ، هذه الحاجة من خلال وعود مغرية برواتب كبيرة، ومناصب غير قتالية آمنة، بالإضافة إلى الجنسية الروسية أو الإقامة الدائمة. غير أن الواقع يكشف خداعاً منهجياً، حيث يجد المجندون أنفسهم في الخطوط الأمامية.
من الناحية القانونية، يحمل هذا التجنيد أخطار دولية جسيمة، إذ ينتهك القانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقيات جنيف التي تحظر استخدام المرتزقة في النزاعات، وتعتبرهم غير محميين كأسرى حرب.
يُصنف هذا كاتجار بالبشر واستغلال بشري، مما يعرض السوريين لملاحقات قضائية دولية، مثل تلك من قبل المحكمة الجنائية الدولية، أو عقوبات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
كذلك، يتعارض مع قوانين مكافحة الإرهاب والمرتزقة في بعض الدول، مما قد يؤدي إلى تجريم العائدين أو حرمانهم من الحقوق المدنية.
في النهاية، يبرز هذا التحقيق ضرورة تعزيز الجهود الدولية والمحلية لمكافحة هذه الشبكات، حفاظاً على كرامة الإنسان وحماية الأمن الوطني.