اتجهت خلايا تنظيم داعش المتواجدة في البادية السورية للبحث عن مصادر جديدة لتمويل عملياتها وتأمين مستلزماتها الضرورية من مياه وطعام وإمدادات طبية، في ظل وجودها في مساحة ضيقة محاصرة من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية والروسية الموالية لها، وذلك عبر عقدها عدة اتفاقيات مع قادة هذه الميليشيات والقوات العسكرية المنتشرة في المنطقة.
خلايا داعش اعتمدت خلال الأشهر الماضية على بيع الخردوات وبقايا الآليات والعربات المدمرة المنتشرة في البادية إلى المدنيين وجامعي الحديد كـ “مصدر تمويل إضافي لها”، في ظل تناقص مصادرها المالية وتوالي العقوبات الدولية على المؤسسات والأشخاص الذين كانوا يقدمون الدعم المادي واللوجستي لها.
ونقلاً عن مصادر محلية، سمحت خلايا داعش لعدد من المدنيين بالدخول إلى مناطق سيطرتها وجمع الخردة والحديد من السيارات والعربات التابعة لقوات النظام والميليشيات الموالية لها والتي تم تدميرها في وقت سابق، مقابل قيام هؤلاء الأشخاص بتقديم المياه وبعض المواد الغذائية الرئيسية مثل الأرز والعدس والبرغل والزيت.
إن دخول المدنيين إلى مناطق سيطرة داعش تأتي بعد موافقة حواجز ونقاط التفتيش التابعة للميليشيات الإيرانية والمنتشرة في المنطقة، عقب حصولهم على مبالغ مالية من هؤلاء المدنيين أو عبر قيامهم بأنفسهم بسحب الخردوات من البادية وإحضار مواد غذائية وإمدادات طبية للتنظيم بدلاً عنها.
ذكر أحد عناصر ميليشيا الحرس الثوري الإيراني السابقين في ديرالزور أن “التعاون بين عناصر وقادة الميليشيات الإيرانية والمحلية وبين تنظيم داعش ما يزال مستمر، وذلك عبر قيامهم بإرسال إمدادات طبية وغذائية لخلايا داعش المنتشرة في البادية مقابل حصولهم على مبالغ مالية أو السماح للمدنيين بجمع الكمأة والخردوات من البادية”.
وعلى مدار عشر سنوات باتت البادية السورية إحدى أهم مراكز تجميع الخردوات والحديد لعدم قدرة أحد على الدخول إلى المنطقة لخطورتها وتتواجد خلايا داعش فيها، ولذلك فإن المدنيين يحصلون على مواد جيدة عند اتفاقهم مع التنظيم ويبيعونها بأسعار مرتفعة بالخارج.
كما أن الميليشيات المسلحة كانت ولا تزال إحدى أهم مصادر تمويل خلايا داعش في البادية عبر إرسالها كل ما يحتاجه التنظيم من طعام ودواء وحتى سلاح مقابل مبالغ مالية خيالية، يحصلون عليها من بعض المتعاونين معه في الداخل أو عبر مصادر تمويل خارجية، ناهيك عن استمرار دخول المزيد من مقاتلي التنظيم وعائلاتهم إلى البادية عبر نقاط التفتيش التي تديرها هذه الميلشيات. وكانت خلايا تنظيم داعش قد اتجهت إلى البادية السورية عقب خسارتها عدد كبير من المواقع والمدن التي كانت تسيطر عليها في ديرالزور وحمص وحماه ودرعا لصالح قوات النظام والميليشيات الموالية لها، ويقدر عدد عناصر التنظيم في المنطقة بحوالي 2000 عنصر استطاعوا على مدار السنوات الخمس الماضية تكبيد النظام وميليشياته خسائر بشرية وعسكرية كبيرة، بعد استهدافهم النقاط والمواقع العسكرية الخاصة بها وأيضاً قوافل النفط وحافلات النقل العسكرية التي تمر في مناطق سيطرة التنظيم.