بعيد إعلان الولايات المتحدة الأميركية عن التحالف الدولي في أيلول/ سبتمبر 2014، دخلت وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبر بمثابة العمود الفقري لـ “قوات سوريا الديمقراطية/ قسد” في تنسيق مع القوات الأميركية التي انتشرت على الأراضي السورية، وحظيت بدعمٍ أميركي سخي، لكن مع تراجع حضور تنظيم داعش إثر سقوط الباغوز آخر معاقله في دير الزور مطلع 2019، أبدت واشنطن مرونة مع تركيا على حساب الوحدات، حيث أسفرت الاتصالات التركية مع إدارة ترامب إلى تنفيذ الجيش التركي لعملية نبع السلام في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، كما اتهمت قسد واشنطن مراراً بغض النظر عن الهجمات الجوية التي يشنها الجيش التركي على أهداف تابع لقسد شمال شرق سوريا عامي 2022 و2023.
الرسائل الأميركية المقلقة التي تلقتها قسد اعتباراً من عملية نبع السلام، دفعتها دائما لتنويع الخيارات، ولذا تحتفظ باتصالات وثيقة مع روسيا، كما أنها عززت خلال السنتين الماضيتين من تقاربها بشكل غير معلن مع المحور الإيراني.
الحفاظ على الاتصالات مع النظام السوري
تحافظ قسد على علاقتها الاقتصادية مع النظام السوري، حيث تبيعه النفط الخام من الحقول التي تسيطر عليها بأسعار مخفضة لا تتجاوز غالباً 25 دولاراً أميركياً للبراميل الواحد، كما أنها تقوم بتوريد القمح إلى النظام عن طريق مركز استلام الحبوب في القامشلي بريف الحسكة.
إلى جانب العلاقات الاقتصادية، فإن قسد تعقد باستمرار جلسات تفاوض مع النظام السوري أملاً بالتوصل إلى تفاهم تضمن من خلاله وقوف النظام وداعميه بوجه أي تحرك عسكري تركي محتمل ضدها، والحفاظ على هامش استقلال لها.
و من مصادر خاصة أن قسد خاضت جولة مفاوضات مع النظام السوري في 22 أيار/ مايو الماضي، وأبدت فيها استعدادها لعقد تفاهمات مشتركة، لكن النظام تمسك بمطلب حل الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية، بالإضافة إلى التحاق قيادات وعناصر قسد بالجيش السوري أفراداً بعد حل القوات العسكرية التابعة لقسد بالكامل، مع السماح للكوادر السياسية بالترشح للانتخابات النيابية القادمة، الأمر الذي حال دون الوصول إلى تفاهمات.
وبحسب المصادر، فإن قسد تسعى من خلال التلويح بخيار إجراء الانتخابات المحلية في آب/ أغسطس القادم إلى خلط الأوراق على الجانب التركي الذي يسعى لتركيز جهوده على تفكيك قواعد حزب العمال الكردستاني بالعراق، بالإضافة إلى خلق ورقة تفاوضية مع النظام السوري، حيث من المتوقع أن يعود الطرفان إلى التفاوض مجدداً.
علاقات عابرة للحدود مع حلفاء إيران في العراق
تمتلك قسد علاقات عابرة للحدود مع حلفاء إيران في العراق، وعلى رأسها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل طالباني المرتبط بشكل كبير بإيران.
ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها موقع تلفزيون سوريا من مصادر كردية عراقية مطلعة، فإن قسد خصصت منذ أشهر طويلة جزءاً من عائدات حقول النفط التي تسيطر عليها في سوريا من أجل تعزيز علاقتها مع الأطراف الكردية العراقية التي تعتبر ضمن المحور الإيراني، حيث تمنح الاتحاد الوطني الكردستاني شهرياً مبلغاً مالياً يصل إلى 50 مليون دولار أميركي، من أصل 360 مليون دولار أميركي تجنيهم شهرياً من بيع النفط لمناطق النظام السوري وشمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة، وتهريبه إلى إقليم شمال العراق.
وتمنح قسد شهرياً مبلغ 15 مليون دولار أميركي لقوات مقاومة سنجار الأيزيدية التي تعتبر أيضاً إحدى الفرق المنضوية ضمن الحشد الشعبي العراقي المدعوم إيرانياً، والمقربة أيضاً من حزب العمال الكردستاني الذي ينشط شمال العراق ويحظى هو الآخر بدعم عسكري وتقني إيراني مثل الطائرات الانتحارية والاستطلاعية المسيرة.
وتعتمد إيران على العمال الكردستاني وقوات مقاومة سنجار والقوات العسكرية التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني في محاولات الحد من النفوذ التركي شمال العراق، وتأمين خط عبورها البري من إيران إلى سوريا عن طريق العراق.
وأفادت المصادر المطلعة لموقع تلفزيون سوريا، بتزايد الأصوات داخل الأوساط الأميركية التي تطالب الإدارة الأميركية التعاطي مع قسد على أنها حليفة لإيران، خاصة في أوساط وزارة الخارجية التي تصطدم بدعم منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكغورك، الذي يعتبر أكثر شخصية داعمة لقسد منذ أن كان مبعوثاً رئاسياً خاصاً للتحالف الدولي عام 2015.
كما الجانب التركي، فإن قسد هي الأخرى تترقب ما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة، إذ أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض من شأنها أن تزيد مخاوف قسد من ارتفاع فرص التفاهم بين أنقرة وواشنطن في الملف السوري، وهذا سيكون بالتأكيد على حساب قسد.
نقلاً عن تلفزيون سوريا