أغلق مصنع تجميع السيارات الإيراني في سوريا “سايبا” أبوابه بعد نحو عشرين عاما، مما يُعد ضربة جديدة لطموحات طهران الاقتصادية في البلاد التي لا تزال تحتفظ فيها بوجود عسكري كبير.
وأعلن رئيس غرفة التجارة الإيرانية-السورية، سعيد عارف، أن شركة سايبا، وهي شركة السيارات الإيرانية الوحيدة العاملة في سوريا، قد أوقفت الإنتاج، ولم تُفعّل أي مصانع إيرانية أخرى في البلاد بسبب مشكلات لم تُحل بين البلدين.
وأضاف لوكالة إيلنا الإيرانية: “الشركات الإيرانية لا تزال نشطة في توفير البنية التحتية للصناعات السورية وتصدير الخدمات التقنية والهندسية، وتنفيذ إصلاحات أساسية ومتخصصة للبنية التحتية”.
يأتي هذا الإعلان بالتزامن مع زيارة الممثل الخاص للمرشد الأعلى علي خامنئي، علي لاريجاني، إلى دمشق وبيروت، مما يعكس استمرار الجهود لتعزيز النفوذ الإقليمي لإيران. ومع ذلك، فإن البصمة الاقتصادية لإيران في سوريا لا تزال صغيرة بشكل غير متناسب، رغم تورطها العسكري المكلف خلال الحرب.
بدأت قصة مصنع سايبا في سوريا خلال فترة حكم الرئيس الإيراني محمد خاتمي في عام 2004، إذ تم إطلاق المشروع كجزء من خطة طموحة ثنائية. وفي عام 2007، افتُتِحت خط إنتاج طراز “برايد” في حمص بحضور رئيس النظام السوري بشار الأسد. المشروع الذي أُطلق عليه اسم “سيفيكو”، كانت تمتلك فيه سايبا نسبة 80%، في حين كانت حكومة النظام تمتلك نسبة 20% وفق موقع إيران إنترناشيونال.
وخلال فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد، أصبحت عمليات سايبا في سوريا رمزا للطموحات الصناعية الأوسع لإيران في الخارج، مع خطط لإنتاج ما يصل إلى 15,000 مركبة سنويا.
كما سعت شركة “إيران خودرو” إلى إنشاء مصنع في سوريا في عام 2009، لكن هذه المشاريع واجهت صعوبات في تحقيق النجاح مع بداية الحرب، وفشلت محاولات تحقيق الربحية مرارا.
وتتفاقم الصعوبات الاقتصادية لإيران في سوريا نتيجة للنفقات المالية الضخمة التي تكبدتها خلال الحرب. ففي عام 2020، قدّر حشمت الله فلاحت بيشه، العضو السابق في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، أن إيران أنفقت ما بين 20 إلى 30 مليار دولار لدعم نظام بشار الأسد.
وقال فلاحت بيشه: “قد نكون أنفقنا ما بين 20 إلى 30 مليار دولار على سوريا، ونحن بحاجة إلى استردادها. أُنفِقَت أموال هذه الأمة هناك”. ويعتقد آخرون أن الرقم يتجاوز 50 مليار دولار.
على الرغم من هذا الاستثمار الكبير، فإن حصة إيران في اقتصاد سوريا بعد الحرب لا تزال ضئيلة. فقد أعرب محمد أميرزاده، نائب رئيس غرفة التجارة الإيرانية، في عام 2021، عن أسفه من أن ضعف الدبلوماسية الاقتصادية أدى إلى تراجع حصة إيران في السوق السورية إلى 3% فقط.