سيريا مونيتور..
كشف وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، عن توجهات الحكومة الجديدة في سوريا نحو خصخصة الموانئ والمصانع المملوكة للدولة، وتعزيز الاستثمار الأجنبي، وفتح الباب أمام التجارة الدولية، وذلك في إطار إصلاح اقتصادي يهدف إلى إنهاء عقود من العزلة التي فرضها النظام السابق.
وفي مقابلة مع صحيفة “فايننشال تايمز”، أوضح الشيباني أن رؤية الحكومة الجديدة تختلف عن النهج السابق لرئيس النظام المخلوع، بشار الأسد، الذي اعتمد على سياسة أمنية دون التركيز على التنمية الاقتصادية. وقال: “رؤية الأسد كانت دولة تعتمد على الأمان والسيطرة، بينما رؤيتنا هي التنمية الاقتصادية، حيث نسعى إلى بناء اقتصاد مستدام يتسم بالشفافية ويشجع الاستثمارات المحلية والأجنبية”.
وأشار الوزير السوري إلى أن التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة كبيرة، بما في ذلك الدين الضخم البالغ 30 مليار دولار لإيران وروسيا، فضلاً عن تآكل احتياطيات النقد الأجنبي وانهيار القطاعات الإنتاجية، مثل الزراعة والصناعة، نتيجة سنوات من الفساد وسوء الإدارة خلال عهد الأسد.
وأضاف: “نحن في مرحلة بناء جديدة، ولن يتحقق التعافي بين ليلة وضحاها. لكننا نعمل على تشكيل لجنة اقتصادية لدراسة الأوضاع الراهنة وإطلاق جهود الخصخصة، بما في ذلك مصانع الزيوت والقطن والأثاث”.
وأكد الوزير أن الحكومة تعتزم الاستفادة من الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مشاريع حيوية مثل المطارات والسكك الحديدية والبنية التحتية، مشيراً إلى أن تحقيق الاستقرار الاقتصادي في سوريا يتطلب جذب الاستثمارات الدولية والحد من التحديات الهيكلية التي أثرت سلباً على الاقتصاد السوري على مدار سنوات.
وشدد الشيباني على أن أولويات الحكومة ليست الاعتماد على المساعدات الإنسانية، بل السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي وإرساء دعائم الاستقرار. وقال: “نحن لا نريد أن نعتمد على المساعدات الدولية وكأنها استثمارات في البحر. المفتاح هنا هو تخفيف العقوبات الغربية والأميركية، لأنها تمنع التعافي الاقتصادي وتُعيق دخول الاستثمارات الأجنبية إلى سوريا”.
وفي الوقت ذاته، أشار الوزير إلى أن العقوبات المحدودة التي فرضت بعد سقوط النظام السابق ليست كافية، وأن هناك حاجة ماسة إلى فتح المجال أمام الدول للعمل بحرية داخل سوريا، مشدداً على أن الحكومة تأمل في تحقيق ذلك من خلال المشاركة في منتدى دافوس الاقتصادي. وقال: “هذه فرصة لتجديد الدعوات لرفع العقوبات التي تعيق تعافي الاقتصاد السوري”.
كما أكد الشيباني على أن الحكومة الجديدة تبذل جهوداً لطمأنة المجتمع الدولي، لا سيما الدول الخليجية والغربية، بأن سوريا لن تكون مصدراً للتهديدات الإقليمية. وأوضح: “لن نصدر الثورة ولن نتدخل في شؤون الدول الأخرى، بل هدفنا هو بناء تحالفات إقليمية تسهم في تحقيق الازدهار لسوريا”.
وعن العلاقة مع تركيا، وصفها بأنها “علاقة خاصة”، موضحاً أن تركيا تعد أحد أكبر الداعمين للمعارضة السورية، وستفتح المجال أمام سوريا للاستفادة من التكنولوجيا التركية وعلاقاتها الإقليمية والدولية.
وفيما يتعلق بـ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، قال الشيباني إن هناك حوارات جارية مع قسد، مؤكداً استعداد الحكومة السورية الجديدة لإدارة السجون التي تضم الآلاف من مقاتلي تنظيم داعش. وأضاف: “وجود قسد لم يعد له مبرر، ولن يكون هناك أي تقسيم أو تشكيلات موازية. الإدارة السورية الجديدة ستضمن حقوق الأكراد دستورياً وتمثيلهم في الحكومة الجديدة”.
وختم وزير الخارجية السوري بالقول: “هدفنا هو تحقيق الاستقرار والسلم داخل سوريا، وفتح الطريق أمام سوريا لتصبح جزءاً من عملية اقتصادية شاملة تساعد في إعادة بناء البلاد وتحقيق التنمية المستدامة”.